الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ } * { وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } * { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ }

{ والنجم }: هم الصحابة. وقيل: العلماء مفرد أريد به الجمع، وهو في اللغة خرق الهوى ومقصده السفل، إذ مصيره إليه، وإن لم يقصد إليه. وقال الشاعر:
هـوى الـدلـو اسلمهـا الـرشا   
ومنه: هوى العقاب. { صاحبكم }: هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخطاب لقريش: أي هو مهتد راشد، وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغي. { وما ينطق }: أي الرسول عليه الصلاة والسلام، { عن الهوى }: أي عن هوى نفسه ورأيه. { إن هو إلا وحى } من عند الله، { يوحى } إليه. وقيل: { وما ينطق }: أي القرآن، عن هوى وشهوة، كقوله:هـذا كتـابنا ينطق عليكم بالحق } [الجاثية: 29] { إن هو }: أي الذي ينطق به. أو { إن هو }: أي القرآن. { علمه }: الضمير عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم، فالمفعول الثاني محذوف، أي علمه الوحي. أو على القرآن، فالمفعول الأول محذوف، أي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم. { شديد القوى }: هو جبريل، وهو مناسب للأوصاف التي بعده، وقاله ابن عباس وقتادة والربيع. وقال الحسن: { شديد القوى }: هو الله تعالى، وهو بعيد.

{ ذو مرة }: ذو قوة، ومنه لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوى. وقيل: ذو هيئة حسنة. وقيل: هو جسم طويل حسن. ولا يناسب هذان القولان إلا إذا كان شديد القوى هو جبريل عليه السلام. { فاستوى }: الضمير لله في قوله الحسن، وكذا { وهو بالأفق الأعلى } لله تعالى، على معنى العظمة والقدرة والسلطان. وعلى قول الجمهور: { فاستوى }: أي جبريل في الجو، { وهو بالأفق الأعلى } ، إن رآه الرسول عليه الصلاة والسلام بحراء قد سد الأفق له ستمائة جناح، وحينئذ دنا من محمد حتى كان قاب قوسين، وكذلك هو المرئي في النزلة الأخرى بستمائة جناح عند السدرة، قاله الربيع والزجاج. وقال الطبري: والفراء: المعنى فاستوى جبريل؛ وقوله: { وهو } ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، وفي هذا التأويل العطف على الضمير المرفوع من غير فصل، وهو مذهب الكوفيين. وقد يقال: الضمير في استوى للرسول، وهو لجبريل، والأعلى لعمه الرأس وما جرى معه. وقال الحسن وقتادة: هو أفق مشرق الشمس.

وقال الزمخشري: { فاستوى }: فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل في صورة دحية، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها، فاستوى له بالأفق الأعلى، وهو أفق الشمس، فملأ الأفق. وقيل: ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد صلى الله عليه وسلم، مرة في الأرض، ومرة في السماء. { ثم دنا } من رسول الله صلى الله عليه وسلم، { فتدلى }: فتعلق عليه في الهوى. وكان مقدار مسافة قربه منه مثل { قاب قوسين } ، فحذفت هذه المضافات، كما قال أبو علي في قوله:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8