الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } * { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } * { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } * { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } * { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } * { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } * { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } * { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ }

{ هل أتاك }: تقرير لتجتمع نفس المخاطب، كما تبدأ المرء إذا أردت أن تحدثه بعجيب، فتقرره هل سمع ذلك أم لا، فكأنك تقتضي أن يقول لا. ويستطعمك الحديث، وفيه تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما عرفه بالوحي، وضيف الواحد والجماعة فيه سواء. وبدأ بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وإن كانت متأخرة عن قصة عاد، هزماً للعرب، إذ كان أباهم الأعلى، ولكون الرسل الذين وفدوا عليه جاءوا بإهلاك قوم لوط، إذ كذبوه، ففيه وعيد للعرب وتهديد واتعاظ وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم على ما يجري عليه من قومه. ووصفهم بالمكرمين لكرامتهم عند الله تعالى، كقوله تعالى في الملائكة:بل عباد مكرمون } [الأَنبياء: 26]، قاله الحسن، فهي صفة سابقة فيهم، أو لإكرام إبراهيم إياهم، إذ خدمهم بنفسه وزوجته سارة وعجل لهم القرا. وقيل: لكونه رفع مجالسهم في صفة حادثة. وقرأ عكرمة: المكرمين بالتشديد، وأطلق عليهم ضيف، لكونهم في صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم، أو لحسبانه لذلك. وتقدم ذكر عددهم في سورة هود. وإذ معمولة للمكرمين إذا كانت صفة حادثة بفعل إبراهيم، وإلا فبما في ضيف من معنى لفعل، أو بإضمار اذكر، وهذه أقوال منقولة. وقرأ الجمهور: قالوا سلاماً، بالنصب على المصدر الساد مسد فعله المستغنى به.

{ قال سلام } بالرفع، وهو مبتدأ محذوف الخبر تقديره: عليكم سلام. قصد أن يجيبهم بأحسن مما حيوه أخذاً بأدب الله تعالى، إذ سلاماً دعاء. وجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي أمري سلام، وسلام جملة خبرية قد تحصل مضمونها ووقع. وقال ابن عطية: ويتجه أن يعمل في سلاماً قالوا، على أن يجعل سلاماً في معنى قولاً، ويكون المعنى حينئذ: أنهم قالوا تحية؛ وقولاً معناه سلاماً، وهذا قول مجاهد. وقرأ ابن وثاب، والنخعي، وابن جبير، وطلحة: قال سلم، بكسر السين وإسكان اللام، والمعنى: نحن سلم، أو أنتم سلم، وقرئا مرفوعين. وقرىء: سلاماً قالوا سلماً، بنصبهما وكسر سين الثاني وسكون لامه. { قوم منكرون } ، قال أبو العالية: أنكر سلامهم في تلك الأرض وذلك الزمان. وقيل: لا نميزهم ولا عهد لنا بهم. وقيل: كان هذا سؤالهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون، فعرّفوني من أنتم. وقوم خبر مبتدأ محذوف قدره أنتم، والذي يناسب حال إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه لا يخاطبهم بذلك، إذ فيه من عدم الإنس ما لا يخفى، بل يظهر أنه يكون التقدير: هؤلاء قوم منكرون. وقال ذلك مع نفسه، أو لمن كان معه من أتباعه وغلمانه بحيث لا يسمع ذلك الأضياف.

{ فراغ إلى أهله }: أي مضى أثناء حديثه، مخفياً مضيه مستعجلاً؛ { فجاء بعجل سمين }: ومن أدب المضيف أن يخفي أمره، وأن يبادر بالقرا من غير أن يشعر به الضيف، حذراً من أن يمنعه أن يجيء بالضيافة.

السابقالتالي
2 3 4 5