الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ يُؤْمِنُونَ } * { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } * { يَسْمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَٰتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { هَـٰذَا هُدًى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى ٱلْعَالَمينَ } * { وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

هذه السورة مكية، قال ابن عطية: بلا خلاف، وذكر الماوردي: إلا { قل للذين آمنوا يغفروا } الآية، فمدنية نزلت في عمر بن الخطاب. قال ابن عباس، وقتادة، وقال النحاس، والمهدوي، عن ابن عباس: نزلت في عمر: شتمه مشرك بمكة قبل الهجرة، فأراد أن يبطش به، فنزلت. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها في غاية الوضوح. قال:فإنما يسرناه بلسانك } [الدخان: 58]، وقال: { حم تنزيل الكتاب } ، وتقدم الكلام علىتنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } [الزمر: 1]، أول الزمر. وقال أبو عبد الله الرازي: وقوله: { العزيز الحكيم } ، يجوز جعله صفة لله، فيكون ذلك حقيقة؛ { وإن جعلناه } صفة للكتاب، كان ذلك مجازاً؛ والحقيقة أولى من المجاز، مع أن زيادة القرب توجب الرجحان. انتهى. وهذا الذي ردّد في قوله: { وإن جعلناه } صفة للكتاب لا يجوز. لو كان صفة للكتاب لوليه، فكان يكون التركيب: تنزيل الكتاب العزيز الحكيم من الله، لأن من الله، إما أن يكون متعلقاً بتنزيل، وتنزيل خبر لحم، أو لمبتدأ محذوف، فلا يجوز الفصل به بين الصفة والموصوف، لا يجوز أعجبني ضرب زيد سوط الفاضل؛ أو في موضع الخبر، وتنزيل مبتدأ، فلا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف أيضاً، لا يجوز ضرب زيد شديد الفاضل، والتركيب الصحيح في نحو هذا أن يلي الصفة موصوفها.

{ إن في السموات والأرض } ، احتمل أن يريد: في خلق السموات، كقوله: { وفي خلقكم } ، والظاهر أنه لا يراد التخصيص بالخلق، بل في السموات والأرض على الإطلاق والعموم، أي في أي شيء نظرت منهما من خلق وغيره، من تسخير وتنوير وغيرهما، { لآيات }: لم يأت بالآيات مفصلة، بل أتى بها مجملة، إحالة على غوامض يثيرها الفكر ويخبر بكثير منها الشرع. وجعلها { للمؤمنين } ، إذ في ضمن الإيمان العقل والتصديق. { وما يبث من دابة } ، أي في غير جنسكم، وهو معطوف على: { خلقكم }. ومن أجاز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، أجاز في { وما يبث } أن يكون معطوفاً على الضمير { وفي خلقكم } ، وهو مذهب الكوفيين، ويونس، والأخفش؛ وهو الصحيح، واختاره الأستاذ أبو علي الشلوبين. وقال الزمخشري: يقبح العطف عليه، وهذا تفريع على مذهب سيبويه وجمهور البصريين، قال: وكذلك أن أكدوه كرهوا أن يقولوا: مررت بك أنت وزيد. انتهى. وهذا يجيزه الجرمي والزيباري في الكلام، وقال: { لقوم يوقنون }: وهم الذين لهم نظر يؤديهم إلى اليقين.

{ واختلاف الليل والنهار }: تقدم الكلام على نظيره في سورة البقرة. وقرأ الجمهور: آيات، جمعاً بالرفع فيهما؛ والأعمش، والجحدري، وحمزة، والكسائي، ويعقوب: بالنصب فيهما؛ وزيد بن علي؛ برفعهما على التوحيد. وقرأ أبي، وعبد الله: لآيات فيهما، كالأولى. فأما: { آيات لقوم يعقلون } رفعاً ونصباً، فاستدل به وشبهه مما جاء في كلام الأخفش، ومن أخذ بمذهبه على عطف معمولي عاملين بالواو، وهي مسألة فيها أربعة مذاهب، ذكرناها في (كتاب التذييل والتكميل لشرح التسهيل).

السابقالتالي
2 3 4 5