الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } * { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { وَقِيلِهِ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } * { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

لما ذكر تعالى حال أهل الجنة، وما يقال لهم من لذائذ البشارة، أعقب ذلك بذكر حال الكفرة، وما يجاوبون به عند سؤالهم. وقرأ عبد الله: وهم فيها، أي في جهنم؛ والجمهور: وهم فيه أي في العذاب. وعن الضحاك: يجعل المجرم في تابوت من نار، ثم يردم عليه، فيبقى فيه خالداً لا يرى ولا يرى. { لا يفتر عنهم }: أي لا يخفف ولا ينقص، من قولهم: فترت عنه الحمى، إذا سكنت قليلاً ونقص حرها. والمبلس: الساكت اليائس من الخير. { وما ظلمناهم }: أي ما وضعنا العذاب فيمن لا يستحقه. { ولكن كانوا هم الظالمين }: أي الواضعين الكفر موضع الإيمان، فظلموا بذلك أنفسهم. وقرأ الجمهور: والظالمين، على أنهم فصل. وقرأ عبد الله، وأبو زيد النحويان: الظالمون بالرفع، على أنهم خبرهم، وهم مبتدأ. وذكر أبو عمر والجرمي: أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ، ويرفعون ما بعده على الخبر. وقال أبو زيد: سمعتهم يقرأون:تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً } [المزمل: 20] يعني: برفع خير وأعظم. وقال قيس بن دريج:
نحن إلى ليلى وأنت تركنها   وكنت عليها بالملا أنت أقدر
قال سيبويه: إن رؤبة كان يقول: أظن زيداً هو خير منك، يعني بالرفع. { ونادوا يا مالك }: تقدم أنهم مبلسون، أي ساكتون، وهذه أحوال لهم في أزمان متطاولة، فلا تعارض بين سكوتهم وندائهم. وقرأ الجمهور: يا مالك. وقرأ عبد الله، وعليّ، وابن وثاب، والأعمش: يا مال، بالترخيم، على لغة من ينتظر الحرف. وقرأ أبو السرار الغنوي: يا مال، بالبناء على الضم، جعل اسماً على حياله. واللام في: { ليقض } لام الطلب والرغبة. والمعنى: يمتنا مرة حتى لا يتكرر عذابنا، كقوله:فوكزه موسى فقضى عليه } [القصص: 15]، أي أماته. { قال }: أي مالك، { إنكم ماكثون }: أي مقيمون في النار لا تبرحون. وقال ابن عباس: يجيبهم بعد مضي ألف سنة، وقال نوف: بعد مائة، وقيل: ثمانين، وقال عبد الله بن عمرو: أربعين. { لقد جئناكم بالحق }: يظهر أنه من كلام الله تعالى. وقيل: من كلام بعض الملائكة، كما يقول أحد خدم الرئيس: أعلمناكم وفعلنا بكم. قيل: ويحتمل أن يكون { لقد جئناكم } من قول الله لقريش بعقب حكاية أمر الكفار مع مالك، وفي هذا توعد وتخويف بمعنى: انظروا كيف يكون حالكم. { أم أبرموا }: والضمير لقريش، أي بل أحكموا أمراً من كيدهم للرسول ومكرهم، { فإنا مبرمون } كيدنا، كما أبرموا كيدهم، كقوله:أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون } [الطور: 42]، وكانوا يتناجون ويتسارعون في أمر الرسول، فقال تعالى: { أم يحسبون أنا لا نسمع سرّهم } ، وهو ما يحدث به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال. { ونجواهم }: وهي ما تكلموا به فيما بينهم.

السابقالتالي
2 3 4 5