الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } * { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } * { وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } * { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } * { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } * { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } * { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } * { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ }

بين تعالى أن منافع الدنيا وطيباتها حقيرة خسيسة عند الله، أي ولولا أن يرغب الناس في الكفر، إذا رأوا الكافر في سعة، ويصيروا أمة واحدة في الكفر. قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، والسدي: لأعطيناهم من زينة الدنيا كذا وكذا، ولكن تعالى اقتضت حكمته أن يغني ويفقر الكافر والمؤمن. قال ابن عطية: واللام في: لمن يكفر، لام الملك، وفي: لبيوتهم، لام تخصيص. كما تقول: هذا الكساء لزيد لدابته، أي هو لدابته حلس ولزيد ملك، انتهى. ولا يصح ما قاله، لأن لبيوتهم بدل اشتمال أعيد معه العامل، فلا يمكن من حيث هو بدل أن تكون اللام الثانية إلا بمعنى اللام الأولى. أما أن يختلف المدلول، فلا واللام في كليهما للتخصيص. وقال الزمخشري: لبيوتهم بدل اشتمال من قوله: { لمن يكفر } ، ويجوز أن تكونا بمنزلة اللامين في قولك: وهبت له ثوباً لقميصه. انتهى، ولا أدري ما أراد بقوله: ويجوز إلى آخره. وقرأ الجمهور: سقفاً، بضمتين؛ وأبو رجاء: بضم وسكون، وهما جمع سقف، لغة تميم، كرهن ورهن؛ وابن كثير وأبو عمرو: بفتح السين والسكون على الإفراد. وقال الفراء: جمع سقيفة، وقرىء بفتحتين، كأنه لغة في سقف؛ وقرىء: سقوفاً، جمعاً على فعول نحو: كعب وكعوب. وقرأ الجمهور: ومعارج جمع معرج، وطلحة: ومعاريج جمع معراج، وهي المصاعد إلى العلالي عليها، أي يعلون السطوح، كما قال:فما اسطاعوا أن يظهروه } [الكهف: 97]. وقرأ الجمهور: وسرراً، بضم السين؛ وقرىء بفتحها، وهي لغة لبعض تميم وبعض كلب، وذلك في جمع فعيل المضعف إذا كان اسماً باتفاق وصفة نحو: ثوب جديد، وثياب جدد، باختلاف بين النحاة. وهذه الأسماء معاطيف على قوله: { سقفاً من فضة } ، فلا يتعين أن توصف المعاطيف بكونها من فضة. وقال الزمخشري: سقوفاً ومصاعد وأبواباً وسرراً، كلها من فضة. انتهى، كأنه يرى اشتراك المعاطيف في وصف ما عطفت عليه وزخرفاً. قال الزمخشري: وجعلنا لهم زخرفاً، ويجوز أن يكون الأصل: سقفاً من فضة وزخرف، يعني: بعضها من فضة وبعضها من ذهب، فنصب عطفاً على محل من فضة. انتهى. والزخرف: الذهب هنا، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي. وفي الحديث: " إياكم والحمرة فإنها من أحب الزينة إلى الشيطان " قال ابن عطية: الحسن أحمر، والشهوات تتبعه. انتهى. قال بعض شعرائنا:
وصبغت درعك من دماء كماتهم   لما رأيت الحسن يلبس أحمرا
وقال ابن زيد: الزخرف: أثاث البيت، وما يتخذ له من السرور والنمارق. وقال الحسن: النقوش، وقيل: التزاويق، كالنقش. وقرأ الجمهور: لما، بفتح اللام وتخفيف الميم: هي مخففة من الثقيلة، واللام الفارقة بين الإيجاب والنفي، وما: زائدة، ومتاع: خبر كل. وقرأ الحسن، وطلحة، والأعمش، وعيسى، وعاصم، وحمزة: لما، بتشديد الميم، وإن: نافية، ولما: بمعنى إلا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6