الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } * { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ } * { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } * { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ }

الظاهر أن { وقال } ماض لفظاً ومعنى، أي { وقال الذين آمنوا } في الحياة الدنيا، ويكون يوم القيامة معمولاً لخسروا، ويحتمل أن يكون معنى { وقال }: ويقول، ويوم القيامة معمول لو يقولوا، أي ويقولوا في ذلك اليوم لما عاينوا ما حل بالكفار وأهليهم. الظاهر أنهم الذين كانوا أهليهم في الدنيا، فإن كانوا معهم في النار فقد خسروهم، أي لا ينتفعون بهم؛ وإن كانوا في الجنة لكونهم كانوا في الجنة لكونهم كانوا مؤمنين، كآسية امرأة فرعون، فهم لا ينتفعون بهم أيضاً. وقيل: أهلوهم ما كان أعد لهم من الحور لو كانوا آمنوا، والظاهر أن قوله: { ألا إن الظالمين في عذاب مقيم } من كلام المؤمنين؛ وقيل: استئناف إخبار من الله تعالى. { من قبل أن يأتي يوم } ، قيل: هو يوم ورود الموت، والظاهر أنه يوم القيامة. و { من الله } متعلق بمحذوف يدل عليه ما مر، أي لا يرد ذلك اليوم من ما حكم الله به فيه. وقال الزمخشري: { من الله }: من صلة للأمرد. انتهى، وليس الجيد، إذ لو كان من صلته لكان معمولاً له، فكان يكون معرباً منوناً. وقيل: { من الله } يتعلق بقوله: { يأتي } ، من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على رده. { ما لكم من ملجأ } تلجأون إليه، فتتخلصون من العذاب، ومالكم من إنكار شيء من أعمالكم التي توردكم النار، والنكير مصدر أنكر على غير قياس. قيل: ويحتمل أن يكون اسم فاعل للمبالغة، وفيه بعد، لأن نكر معناه لم يميز. { فإن أعرضوا } الآية: تسلية للرسول وتأنيس له، وإزالة لهمه بهم. والإنسان: يراد به الجنس، ولذلك جاء: { وإن تصبهم سيئة }. وجاء جواب الشرط { فإن الإنسان } ولم يأت فإنه، ولا فإنهم، ليدل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم، كما قال:إن الإنسان لظلوم كفار } [إبراهيم: 34]،إن الإنسان لربه لكنود } [العاديات: 6].

ولما ذكر أنه يكفر النعم، أتبع ذلك بأن له ملك العالم العلوي والسفلي، وأنه يفعل ما يريد، ونبه على عظيم قدرته، وأن الكائنات ناشئة عن إرادته، فذكر أنه يهب لبعض إناثاً، ولبعض ذكوراً، ولبعض الصنفين، ويعقم بعضاً فلا يولد له. وقال إسحق بن بشر: نزلت هذه الآية في الأنبياء، ثم عمت. فلوط أبو بنات لم يولد له ذكور، وإبراهيم ضده، ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهما ولد له الصنفان، ويحي عقيم. انتهى. وذكر أيضاً مع لوط شعيب، ومع يحي عيسى، وقدم تعالى هبة البنات تأنيساً لهن وتشريفاً لهن، ليهتم بصونهن والإحسان إليهن. وفي الحديث: " من ابتلي بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له ستراً من النار " وقال واثلة بن الأسقع: من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث.

السابقالتالي
2 3 4 5