الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } * { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } * { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } * { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } * { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } * { وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

الأمر بقوله: { فادعوا الله } للمنيبين المؤمنين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي اعبدوه، { مخلصين له الدّين } من الشرك على كل حال، حتى في حال غيظ أعدائكم المتمالئين عليكم وعلى استئصالكم. ورفيع: خبر مبتدأ محذوف. وقال الزمخشري: ثلاثة أخبار مترتبة على قوله:الذي يريكم } [الرعد: 12]، أو أخبار مبتدأ محذوف، وهي مختلفة تعريفاً وتنكيراً. انتهى. أما ترتبها على قوله: { هو الذي يريكم } ، فبعيد كطول الفصل، وأما كونها أخباراً مبتدأ محذوف، فمبني على جواز تعدد الأخبار، إذا لم تكن في معنى خبر واحد، والمنع اختيار أصحابنا. وقرىء: رفيع بالنصب على المدح، واحتمل أن يكون رفيع للمبالغة على فعيل من رافع، فيكون الدرجات مفعول، أي رافع درجات المؤمنين ومنازلهم في الجنة. وبه فسر ابن سلام، أو عبر بالدرجات عن السماوات، أرفعها سماء، والعرش فوقهنّ. وبه فسر ابن جبير، واحتمل أن يكون رفيع فعيلاً من رفع الشيء علا فهو رفيع، فيكون من باب الصفة المشبهة، والدرجات: المصاعد الملائكة إلى أن تبلغ العرش، أضيفت إليه دلالة على عزه وسلطانه، أي درجات ملائكته، كما وصفه بقوله:ذي المعارج } [المعارج: 3]، أو يكون ذلك عبارة عن رفعه شأنه وعلو سلطانه. كما أن قوله: { ذو العرش } عبارة عن ملكه، وبنحوه فسر ابن زيد قال: عظيم الصفات. و { الروح }: النبوة، قاله قتادة والسدي، كما قال:روحاً من أمرنا } [الشورى: 52]؛ وعن قتادة أيضاً: الوحي. وقال ابن عباس: القرآن، وقال الضحاك: جبريل يرسله لمن يشاء. وقيل: الرحمة، وقيل: أرواح العباد، وهذان القولان ضعيفان، والأولى الوحي، استعير له الروح لحياة الأديان المرضية به، كما قال:أو من كان ميتا فأحييناه } [الأَنعام: 22]. وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون القاء الروح عامل لكل ما ينعم الله به على عباده المهتدين في تفهيم الإيمان والمعقولات الشريفة. انتهى. وقال الزجاج: الروح: كل ما به حياة الناس، وكل مهتد حي، وكل ضال ميت. انتهى. وقال ابن عباس: { من أمره }: من قضائه. وقال مقاتل: بأمره، وحكى الشعبي من قوله، ويظهر أن من لابتداء الغاية.

وقرأ الجمهور: { لينذر } مبنياً للفاعل، { يوم } بالنصب، والظاهر أن الفاعل يعود على الله، لأنه هو المحدث عنه. واحتمل يوم أن يكون مفعولاً على السعة، وأن يكون ظرفاً، والمنذر به محذوف. وقرأ أبيّ وجماعة: كذلك إلا أنهم رفعوا يوم على الفاعلية مجازاً. وقيل: الفاعل في القراءة الأولى ضمير الروح. وقيل: ضمير من. وقرأ اليماني فيما ذكر صاحب اللوامح: لينذر مبنياً للمفعول، يوم التلاق، برفع الميم. وقرأ الحسن واليماني فيما ذكر ابن خالويه: لتنذر بالتاء، فقالوا: الفاعل ضمير الروح، لأنها تؤنث، أو فيه ضمير الخطاب الموصول. وقرىء: التلاق والتناد، بياء وبغير ياء، وسمي يوم التلاق لالتقاء الخلائق فيه، قاله ابن عباس.

السابقالتالي
2 3 4 5