الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } * { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } * { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } * { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } * { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ } * { إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } * { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } * { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ }

الفواق، بضم الفاء وفتحها: الزمان الذي ما بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع، وفي الحديث: " العبادة قدر فواق الناقة " وأفاقت الناقة إفاقة: اجتمعت الفيقة في ضرعها فهي مفيق ومفيقة، عن أبي عمرو. والفيقة: اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، ويجمع على أفواق، وأفاويق جمع الجمع. وقال أبو عبيدة والفراء ومؤرج: الفواق، بالفتح: الإفاقة والاستراحة. القط، قال الفراء: الحظ والنصيب، ومنه قيل للصك: القط، وقال أبو عبيدة والكسائي: القط: الكتاب بالجوائز، وقال الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته   بغبطته يعطي القطوط ويأفق
ويروى بأمته: أي بنعمته، ويأفق: يصلح، وهو في الكتاب أكثر استعمالاً. قال أمية بن أبي الصلت:
قوم لهم ساحة أرض العراق وما   يجبى إليهم بها والقط والعلم
ويجمع أيضاً على قططة، وفي القليل قط وأقطاط. تسور الحائط والسور وتسنمه والبعير: علا أعلاه. والسور: حائط المدينة، وهو غير مهموز. الشطط: مجاوزة الحد وتخطي الحق. وقال أبو عبيدة: شططت على فلان وأشططت: جرت في الحكم. التسع: رتبة من العدد معروفة، وكسر التاء أشهر من الفتح. النعجة: الأنثى من بقر الوحش ومن الضأن، ويكنى بها عن المرأة. قال الشاعر:
هما نعجتان من نعاج تبالة   لذي جؤذرين أو كبعض لدى هكر
وقال ابن عون:
أنا أبوهن ثلاث هنه   رابعة في البيت صغراهنه
ونعجتي خمساً توفيهنه   إلا فتى سجح يغذيهنه
عزة: غلبه، يعزه عزاً؛ وفي المثل: من عزَّ بزَّ، أي من غلب سلب. وقال الشاعر:
قطاة عزها شرك فباتت   تجاذبه وقد علق الجناح
{ وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق، وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب، اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب، إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق، والطير محشورة كل له أواب، وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب، وهل آتاك نبؤ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب، قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقيل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب، فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب }.

{ وما ينظر }: أي ينظر، { هؤلاء }: إشارة إلى كفار قريش، والإشارة بهؤلاء مقوية أن الإشارة باؤلئك هي للذين يلونها من قوم نوح وما عطف عليه. وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب لاستحضارهم بالذكر، أو لأنهم كالحضور عند الله.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7