الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } * { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } * { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } * { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } * { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } * { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } * { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } * { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ } * { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ }

لات: هي لا، ألحقت بها التاء كما ألحقت في ثم ورب، فقالوا: ثمت وربت، وهي تعمل عمل ليس في مذهب سيبويه، وعمل إن في مذهب الأخفش. فإن ارتفع ما بعدها، فعلى الابتداء عنده؛ ولها أحكام ذكرت في علم النحو، ويأتي شيء منها هنا عند ذكر القراءات التي فيها. والمناص: المنجا والغوث، يقال ناصه ينوصه: إذا فاته. قال الفراء: النوص: التأخير، يقال ناص عن قرنه ينوص نوصاً ومناصاً: أي فر وزاغ، وأنشد لامرىء القيس:
أم ذكر سلمى ان نأتك كنوص   واستناص طلب المناص
قال حارثة بن بدر:
غمر الجراء إذا قصرت عنانه   بيدي استناص ورام جري المسحل
وقال الجوهري: استناص: تأخر. وقال النحاس: ناص ينوص: تقدم. الوتد: معروف، وكسر التاء أشهر من فتحها. ويقال: وتد واتد، كما يقال: شغل شاغل. قال الأصمعي وأنشد:
لاقت على الماء جذيلاً واتداً   ولم يكن يخلفها المواعدا
وقالوا: ودّ فأدغموه، قال الشاعر:
تخرج الودّ إذا ما أشحذت   وتواريه إذا ما تشتكر
وقالوا فيه: دت، فأدغموا بإدال الدال تاء، وفيه قلب الثاني للأول، وهو قليل.

{ ص والقرآن ذي الذكر، بل الذين كفروا في عزّة وشقاق، كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص، وعجبوا ان جاءهم منذر منهم وقال الكفارون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب، وانطلق الملأ منهم أن أمشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق، أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب، أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب، أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب، جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب، كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد، وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب، إن كل إلا كذَّب الرسل فحق عقاب }.

هذه السورة مكية، ومناسبتها لآخر ما قبلها أنه لما ذكر عن الكفار أنهم كانوا يقولون:لو أن عندنا ذكراً من الأولين } [الصافات: 168]، لأخلصوا العبادة لله. وأخبر أنهم أتاهم الذكر فكفروا به. بدأ في هذه السورة بالقسم بالقرآن، لأنه الذكر الذي جاءهم، وأخبر عنهم أنهم كافرون، وأنهم في تعزز ومشاقة للرسول الذي جاء به؛ ثم ذكر من أهلك من القرون التي شاقت الرسل ليتعظوا. " وروي أنه لما مرض أبو طالب، جاءت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه، وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي، ما تريد من قومك؟ فقال: يا عم، إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب، وتؤدّي إليهم الجزية بها العجم. قال: وما الكلمة؟ قال: كلمة واحدة، قال: وما هي؟ قال: لا إله إلا الله، قال فقاموا وقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً؟ "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7