الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ }

العبرة: الاتعاظ يقال: منه اعتبر، وهو الاستدلال بشيء على شيء يشبهه، واشتقاقها من العبور، وهو مجاوزة الشيء إلى الشيء، ومنه: عبر النهر، وهو شطه، والمعبر: السفينة، والعبارة يعبر بها إلى المخاطب بالمعاني، وعبرت الرؤيا مخففاً ومثقلاً: نقلت ما عندك من علمها إلى الرائي أو غيره ممن يجهل: وكان الاعتبار انتقالاً عن منزلة الجهل إلى منزلة العلم، ومنه، العَبرة، وهي الدمع، لأنها تجاوز العين.

الشهوة: ما تدعو النفس إليه، والفعل منه: اشتهى، ويجمع بالألف والتاء فيقال: شهوات، ووجدت أنا في شعر العرب جمعها على: شُهى، نحو: نزوة ونزى، و: كوة وكوى، على قول من زعم أن: كوى، جمع كوة بفتح الكاف، وهذا مع: قرية وقرى، ذكره النحويون مما جاء على وزن فعلة معتل اللام، وجمع على فعل، واستدركت أنا: شهى، وقالت امرأة من بني نضر بن معاوية:
فلولا الشَّهى والله كنت جديرة   بأن أترك اللذات في كل مشهد
القنطار: فنعال نونه زائدة، قاله ابن دريد، فيكون وزنه: فنعالاً من: قطر يقطر وقيل: أصل ووزن فعلال، وفيه خلاف: أهو واقع على عدد مخصوص؟ أم هو وزن لا يحد ولا يحصر؟ والقائلون بأنه عدد مخصوص اختلفوا في ذلك العدد، ويأتي ذلك في التفسير، إن شاء الله تعالى.

ويقال منه: قنطر الرجل إذا كان عنده قناطير، أو قنطار من المال وقال الزجاج: هو مأخوذ من: قنطرت الشيء، عقدته وأحكمته، ومنه سميت القنطرة لإحكامها وقيل: قنطرته: عبيته شيئاً على شيء، ومنه سمي القنطرة. فشبه المال الكثير الذي يعبى بعضه على بعض بالقنطرة.

الذهب: معروف، وهو مؤنث يجمع على ذهاب وذهوب. وقيل: الذهب جمع ذهبية.

والفضة: معروفة، وجمعها فضض، فالذهب مشتق من الذهاب، والفضة من انفض الشيء: تفرق، ومنه: فضضت القوم.

الخيل: جمع لا واحد له من لفظه، بل واحده: فرس. وقيل: واحده خايل، كراكب وركب، قاله أبو عبيدة. سميت بذلك لاختيالها في مشيها. وقيل: اشتقاقه من التخيل، لأنه يتخيل في صورة من هو أعظم منه. وقيل: الاختيال مأخوذ من التخيل.

النعم: الإبل فقط، قال الفراء: وهو مذكر ولا يؤنث، يقولون هذا نعم وارد. وقال الهروي: النعم، يذكر ويؤنث، وإذا جمع انطلق على الإبل والبقر والغنم. وقال ابن قتيبة: الأنعام: الإبل والبقر والغنم، واحدها نعم، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وسميت بذلك لنعومة مسها وهو لينها، ومنه: الناعم، والنعامة، والنعامى: الجنوب، سميت بذلك للين هبوبها.

المآب: مفعل من آب يؤوب إياباً. أي: رجع، يكون للمصدر والمكان والزمان.

{ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد } سبب نزولها أن يهود بني قينقاع قالوا بعد وقعة بدر: إن قريشاً كانوا أغماراً، ولو حاربتنا لرأيت رجالاً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9