الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } * { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } * { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } * { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } * { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } * { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } * { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } * { وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } * { وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } * { وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } * { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } * { وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } * { فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ } * { وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } * { قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ } * { تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلاَّ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ } * { وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ } * { فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

لما كانت العرب لها خصوصية بإبراهيم عليه السلام، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتلو عليهم قصصه، وما جرى له مع قومه. ولم يأت في قصة من قصص هذه السورة أمره عليه السلام بتلاوة قصة إلا في هذه، وإذ: العامل فيه. قال الحوفي: أتل، ولا يتصور ما قال إلا بإخراجه عن الظرفية وجعله بدلاً من نبأ، واعتقاد أن العامل في البدل والمبدل منه واحد. وقال أبو البقاء: العامل في إذ نبأ. والظاهر أن الضمير في { وقومه } عائد على إبراهيم. وقيل: على أبيه، أي وقوم أبيه، كما قال:إني أراك وقومك في ضلال مبين } [الأنعام: 74]. وما: استفهام بمعنى التحقير والتقرير. وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم أنهم عبدة أصنام، ولكن سألهم ليريهم أن ما كانوا يعبدونه ليس مستحقاً للعبادة، لما ترتب على جوابهم من أوصاف معبوداتهم التي هي منافية للعبادة. ولما سألهم عن الذي يعبدونه، ولم يقتصروا على ذكره فقط، بل أجابوا بالفعل ومتعلقه وما عطف عليه من تمام صفتهم مع معبودهم، فقالوا: { نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين }: على سبيل الابتهاج والافتخار، فأتوا بقصتهم معهم كاملة، ولم يقتصروا على أن يجيبوا بقولهم: أصناماً، كما جاء:ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً } [النحل: 30]ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } [البقرة: 219] ولذلك عطفوا على ذلك الفعل قولهم: { فنظل }. قال: كما تقول لرئيس: ما تلبس؟ فقال: ألبس مطرف الخز فأجر ذيوله، يريد الجواب: وحاله مع ملبوسه. وقالوا: فنظل، لأنهم كانو يعبدونهم بالنهار دون الليل. ولما أجابوا إبراهيم، أخذ يوقفهم على قلة عقولهم، باستفهامه عن أوصاف مسلوبة عنهم لا يكون ثبوتها إلا لله تعالى.

وقرأ الجمهور: { يسمعونكم } ، من سمع؛ وسمع إن دخلت على مسموع تعدّت إلى واحد، نحو: سمعت كلام زيد، وإن دخلت على غير مسموع، فمذهب الفارسي أنها تتعدى إلى اثنين، وشرط الثاني منهما أن يكون مما يسمع، نحو: سمعت زيداً يقرأ. والصحيح أنها تتعدى إلى واحد، وذلك الفعل في موضع الحال، والترجيح بين المذهبين مذكور في النحو. وهنا لم تدخل إلا على واحد، ولكنه ليس بمسموع، فتأولوه على حذف مضاف تقديره: هل يسمعونكم، تدعون؟ وقيل: { هل يسمعونكم } بمعنى: يجيبونكم. وقرأ قتادة، ويحيـى بن يعمر: بضم الياء وكسر الميم من أسمع، والمفعول الثاني محذوف تقديره: الجواب، أو الكلام. وإذ: ظرف لما مضى، فإما أن يتجاوز فيه فيكون بمعنى إذا، وإما أن يتجاوز في المضارع فيكون قد وقع موقع الماضي، فيكون التقدير: هل سمعوكم إذ دعوتم؟ وقد ذكر أصحابنا أن من قرائن صرف المضارع إلى الماضي إضافة إذ إلى جملة مصدرة بالمضارع، ومثلوا بقوله:وإذ تقول للذي أنعم الله عليه }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9