الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } * { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } * { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

هذه السورة كلها مكية في قول الجمهور إلا أربع آيات من: { والشعراء يتبعهم الغاوون } إلى آخر السورة، وقاله ابن عباس وعطاء وقتادة. وقال مقاتل: { أولم يكن لهم آية } ، الآية مدنية. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها أنه قال تعالى:فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً } [الفرقان: 77] ذكر تلهف رسول الله صلى الله عليه وسلم على كونهم لم يؤمنوا، وكونهم كذبوا بالحق، لما جاءهم. ولما أوعدهم في آخر السورة بقوله:فسوف يكون لزاماً } [الفرقان: 77] أوعدهم في أول هذه فقال في إثر إخباره بتكذيبهم فسوف يأتيهم { أنباء ما كانوا به يستهزءون }. وتلك إشارة إلى آيات السورة، أو آيات القرآن. وأمال فتحة الطاء حمزة والكسائي، وأبو بكر وباقي السبعة: بالفتح؛ وحمزة بإظهار نون سين، وباقي السبعة بإدغامها؛ وعيسى بكسر الميم من طسم هنا وفي القصص، وجاء كذلك عن نافع. وفي مصحف عبد الله ط س م مقطوع، وهي قراءة أبي جعفر. وتكلموا على هذه الحروف بما يشبه اللغز والأحاجي، فتركت نقله، إذ لا دليل على شيء مما قالوه.

{ والكتاب المبين }: هو القرآن، هو بين في نفسه ومبين غيره من الأحكام والشرائع وسائر ما اشتمل عليه، أو مبين إعجازه وصحة أنه من عند الله. وتقدم تفسير { باخع نفسك } في أول الكهف. { ألا يكونوا }: أي لئلا يؤمنوا، أو خيفة أن لا يؤمنوا. وقرأ قتادة وزيد بن علي: باخع نفسك على الإضافة. { إن نشأ ننزل } ، دخلت إن على نشأ وإن للممكن، أو المحقق المنبهم زمانه. قال ابن عطية: ما في الشرط من الإبهام هو في هذه الآية في حيزنا، وأما الله تعالى فقد علم أنه لا ينزل عليهم آية اضطرار، وإنما جعل الله آيات الأنبياء والآيات الدالة عليه معرضة للنظر والفكر، ليهتدي من سبق في علمه هداه، ويضل من سبق ضلاله، وليكون للنظرة كسب به يتعلق الثواب والعقاب، وآية الاضطرار تدفع جميع هذا إن لو كانت. انتهى. ومعنى آية: أي ملجئة إلى الإيمان يقهر عليه. وقرأ أبو عمرو في رواية هرون عنه: إن يشأ ينزل على الغيبة، أي إن يشأ الله ينزل، وفي بعض المصاحف: لو شئنا لأنزلنا. وقرأ الجمهور: فظلت، ماضياً بمعنى المستقبل، لأنه معطوف على ينزل. وقرأ طلحة: فتظلل، وأعناقهم. قال الزمخشري: فإن قلت: كيف صح مجيء خاضعين خبراً عن الأعناق؟ قلت: أصل الكلام: فظلوا لها خاضعين، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخشوع، وترك الكلام على أصله كقولهم: ذهبت أهل اليمامة، كان الأهل غير مذكور. انتهى. وقال مجاهد، وابن زيد، والأخفش: جماعاتهم، يقال: جاءني عنق من الناس، أي جماعة، ومنه قول الشاعر:
إن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا   
وقيل: أعناق الناس: رؤساؤهم، ومقدموهم شبهوا بالأعناق، كما قيل:

السابقالتالي
2 3 4 5 6