الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } * { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } * { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } * { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } * { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً } * { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً }

مفردات سورة الفرقان

الهباء قال أبو عبيدة والزجاج: مثل الغبار يدخل الكوة مع ضوء الشمس. وقال ابن عرفة: الهبوة والهباء التراب الدقيق. وقال الجوهري يقال منه إذا ارتفع هبا يهبو هبواً، وأهبيتُه أنا إهباءً. وقيل: هو الشرر الطائر من النار إذا أضرمت. النثر: التفريق. العض: وقع الأسنان على المعضوض بقوة وفعله على وزن فعل بكسر العين، وحكى الكسائي عضضت بفتح عين الكلمة. فلان كناية عن علم من يعقل. الجملة من الكلام هو المجتمع غير المفرق. الترتيل سرد اللفظ بعد اللفظ يتخلل بينهما زمن يسير من قولهم: ثغر مرتل أي مفلج الأسنان. السبات: الراحة، ومنه يوم السبت لما جرت العادة من الاستراحة فيه ويقال للعليل إذا استراح من تعب العلة مسبوت قاله أبو مسلم. وقال الزمخشري: السبات الموت والمسبوت الميت لأنه مقطوع الحياة. مرج: قال ابن عرفة خلط ومرج الأمر اختلط واضطرب. وقيل: مرج وأمرج أجرى، ومرج لغة الحجاز وأمرج لغة نجد. العذب: الحلو. والفرات البالغ في الحلاوة. الملح: المالح. والأجاج البالغ في الملوحة. وقيل: المر. وقيل: الحار. الصهر، قال الخليل: لا يقال لأهل بيت المرأة إلاّ أصهار، ولأهل بيت الرجل إلاّ أختان، ومن العرب من يجعلهم أصهاراً كلهم. السراج: الشمس. الهون: الرفق واللين. الغرفة: العلية وكل بناء عال فهو غرفة. عباءً من العبء وهو الثقيل، يقال: عبأت الجيش بالتخفيف والتثقيل هيأته للقتال، ويقال: ما عبأت به أي ما اعتددت به كقولك: ما اكترثت به.

هذه السورة مكية في قول الجمهور. وقال ابن عباس وقتادة: إلاّ ثلاث آيات نزلت بالمدينة وهيوالذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } [الفرقان: 68] ـ إلى قوله ـوكان الله غفوراً رحيماً } [الفرقان: 70] وقال الضحاك مدنية إلا من أولها إلى قوله { ولا نشوراً } فهو مكي. ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أنه لما ذكر وجوب مبايعة المؤمنين للرسول وأنهم إذا كانوا معه في أمر مهم توقف انفصال واحد منهم على إذنه وحذر من يخالف أمره وذكر أن له ملك السموات والأرض وأنه تعالى عالم بما هم عليه ومجازيهم على ذلك، فكان ذلك غاية في التحذير والإنذار ناسب أن يفتتح هذه السورة بأنه تعالى منزه في صفاته عن النقائص كثير الخير، ومن خيره أنه { نزل الفرقان } على رسوله منذراً لهم فكان في ذلك اطماع في خيره وتحذير من عقابه. و { تبارك } تفاعل مطاوع بارك وهو فعل لا يتصرف ولم يستعمل في غيره تعالى فلا يجيء منه مضارع ولا اسم فاعل ولا مصدر. وقال الطرماح:
تباركت لا معط لشيء منعته   وليس لما أعطيت يا رب مانع
قال ابن عباس: لم يزل ولا يزول.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10