الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

روي أن عمر بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً من الأنصار يقال له مدلج، وكان نائماً فدق عليه الباب ودخل، فاستيقظ وجلس فانكشف منه شيء فقال عمر: وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلاّ بإذن. ثم انطلق إلى الرسول فوجد هذه الآية قد نزلت فخرّ ساجداً. وقيل: نزلت في أسماء بنت أبي مرثد قيل: دخل عليها غلام لها كبير في وقت كرهت دخوله، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا حالاً نكرهها.

{ ليستأذنكم } أمر والظاهر حمله على الوجوب والجمهور على الندب. وقيل: بنسخ ذلك إذ صار للبيوت أبواب روي ذلك عن ابن عباس وابن المسيب والظاهر عموم { الذين ملكت أيمانكم } في العبيد والإماء وهو قول الجمهور. وقال ابن عمرو آخرون، العبيد دون الإماء. وقال السلمي: الإماء دون العبيد. { والذين لم يبلغوا الحلم منكم } عام في الأطفال عبيد كانوا أو أحراراً. وقرأ الحسن وأبو عمر وفي رواية وطلحة { الحلْم } بسكون اللام وهي لغة تميم. وقيل { منكم } أي من الأحرار ذكوراً كانوا أو إناثاً. والظاهر من قوله { ثلاث مرات } ثلاث استئذانات لأنك إذا ضربت ثلاث مرات لا يفهم منه إلاّ ثلاث ضربات ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: " الاستئذان ثلاث " والذي عليه الجمهور أن معنى { ثلاث مرات } ثلاثة أوقات وجعلوا ما بعده من ذكر تلك الأوقات تفسيراً لقوله { ثلاث مرات } ولا يتعين ذلك بل تبقى { ثلاث مرات } على مدلولها.

{ من قبل صلاة الفجر } لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة وقد ينكشف النائم. { وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة } لأنه وقت وضع الثياب للقائلة لأن النهار إذ ذاك يشتد حره في ذلك الوقت. و { من } في { من الظهيرة } قال أبو البقاء: لبيان الجنس أي حين ذلك هو الظهيرة، قال: أو بمعنى من أجل حر الظهيرة و { حين } معطوف على موضع { من قبل } { ومن بعد صلاة العشاء } لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم { ثلاث عورات لكم } سمى كل واحد منها عورة لأن الناس يختل تسترهم وتحفظهم فيها، والعورة الخلل ومنه أعور الفارس وأعور المكان، والأعور المختل العين. وقرأ حمزة والكسائي { ثلاث } بالنصب قالوا: بدل من { ثلاث عورات } وقدره الحوفي والزمخشري وأبو البقاء أوقات { ثلاث عورات } وقال ابن عطية: إنما يصح يعنى البدل بتقدير أوقات { عورات } فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقرأ باقي السبعة بالرفع أي هن { ثلاث عورات } وقرأ الأعمش { عَوَرات } بفتح الواو وتقدم أنها لغة هذيل بن مدركة وبني تميم وعلى رفع { ثلاث }.

السابقالتالي
2 3 4 5