الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } * { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } * { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } * { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } * { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } * { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } * { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ }

الهمز: النخس والدفع بيد وغيرها، ومنه مهماز الرائض وهمز الناس باللسان. البرزخ: الحاجز بين المسافتين. وقيل: الحجاب بين الشيئين يمنع أحدهما أن يصلى إلى الآخر. النسب: القرابة من جهة الولادة. اللفح: إصابة النار الشيء بوهجها وإحراقها. وقال الزجّاج: اللفح أشد من اللقيح تأثيراً. الكلوح: تشمر الشفتين عن الأسنان ومنه كلوح كلوح الكلب والأسد. وقيل: الكلوح بسور الوجه وهو تقطيبه، وكلح الرجل كلوحاً وكلاحاً ودهر كالح وبرد كالح شديد.

{ قل ربّ إمّا تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون }.

لما ذكر ما كان عليه الكفار من ادعاء الولد والشريك له، وكان تعالى قد أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أنه ينتقم منهم ولم يبين إذ ذاك في حياته أم بعد موته، أمره بأنه يدعو بهذا الدعاء أي إن ترني ما تعدهم واقعاً بهم في الدنيا أو في الآخرة فلا تجعلني معهم، ومعلوم أنه عليه السلام معصوم مما يكون سبباً لجعله معهم، ولكنه أمره أن يدعو بذلك إظهاراً للعبودية وتواضعاً لله، واستغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه سبعين مرة من هذا القبيل. وقال أبو بكر: وُلِّيتكم ولست بخيركم. قال الحسن: كان يعلم أنه خيرهم ولكن المؤمن يهضم نفسه.

وجاء الدعاء بلفظ الرب قبل الشرط وقبل: الجزاء مبالغة في الابتهال إلى الله تعالى والتضرع، ولأن الرب هو المالك الناظر في مصالح العبد. وقرأ الضحاك وأبو عمران الجوني ترئني بالهمز بدل الياء، وهذا كما قرىء فأما ترئن ولترؤن بالهمز وهو إبدال ضعيف، ثم أخبر تعالى أنه قادر على تعجيل العذاب لهم كما كانوا يطلبون ذلك وذلك في حياته عليه الصلاة والسلام ولكن تأخيره لأجل يستوفونه، والجمهور على أن هذا العذاب في الدنيا. فقيل: يوم بدر. وقيل: فتح مكة. وقيل: هو عذاب الآخرة.

ثم أمره تعالى بحسن الأخلاق والتي هي أحسن شهادة أن لا إله إلاّ الله و { السيئة } الشرك. وقال الحسن: الصفح والإغضاء. وقال عطاء والضحاك: السلام إذا أفحشوا. وحكى الماوردي: { ادفع } بالموعظة المنكر والأجود العموم في الحسنى وفيما يسوء و { التي هي أحسن } أبلغ من الحسنة للمبالغة الدال عليها أفعل التفضيل، وجاء في صلة التي ليدل على معرفة السامع بالحالة التي هي أحسن.

السابقالتالي
2 3