الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } * { قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } * { قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } * { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } * { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } * { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

النكس: قلب الشيء بحيث يصير أعلاه أسفل، ونكس رأسه بالتشديد والتخفيف طأطأ حتى صار أعلاه أسفل.

{ قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم قالوا فائتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون }.

في الكلام محذوف تقديره: فلما رجعوا من عيدهم إلى آلهتهم ورأوا ما فعل بها استفهموا على سبيل البحث والإنكار فقالوا: { من فعل هذا } أي التكسير والتحطيم إنه لظالم في اجرتائه على الآلهة المستحقة للتعظيم والتوقير { قالوا } أي قال الذين سمعوا قولهوتالله لأكيدن أصنامكم } [الأنبياء: 57] { يذكرهم } أي بسوء. قال الفراء: يقول الرجل للرجل لئن ذكرتني لتندمن أي بسوء. قال الزمخشري: فإن قلت: ما حكم الفعلين بعد { سمعنا فتى } وأي فرق بينهما؟ قلت: هما صفتان لفتى إلا أن الأول وهو يذكرهم لا بد منه لسمع لأنك لا تقول: سمعت زيداً وتسكت حتى تذكر شيئاً مما يسمع، وأما الثاني فليس كذلك انتهى. وأما قوله: هما صفتان فلا يتعين ذلك لما أذكره إما سمع فإما أن يدخل على مسموع أو غيره إن دخلت على مسموع فلا خلاف أنها تتعدى إلى واحد نحو: سمعت كلام زيد ومقالة خالد، وإن دخلت على غير مسموع فاختلف فيها. فقيل: إنها تتعدى إلى اثنين وهو مذهب الفارسي، ويكون الثاني مما يدل على صوت فلا يقال سمعت زيداً يركب، ومذهب غيره أن سمع يتعدى إلى واحد والفعل بعده إن كان معرفة في موضع الحال منها أو نكرة في موضع الصفة، وكلا المذهبين يستدل لهما في علم النحو فعلى هذا المذهب الآخر يتمشى قول الزمخشري أنه صفة لفتى، وأما على مذهب أبي عليّ فلا يكون إلاّ في موضع المفعول الثاني لسمع.

وأما { يقال له إبراهيم } فيحتمل أن يكون جواباً لسؤال مقدر لما قالوا { سمعنا فتى يذكرهم } وأتوا به منكراً قيل: من يقال له فقيل له إبراهيم، وارتفع { إبراهيم } على أنه مقدر بجملة تحكى بقال، إما على النداء أي { يقال له } حين يدعى يا { إبراهيم } وإما على خبر مبتدأ محذوف أي هو { إبراهيم } أو على أنه مفرد مفعول لما لم يسم فاعله، ويكون من الإسناد للفظ لا لمدلوله، أي يطلق عليه هذا اللفظ وهذا الآخر هو اختيار الزمخشري وابن عطية، وهو مختلف في إجازته فذهب الزجاجي والزمخشري وابن خروف وابن مالك إلى تجويز نصب القول للمفرد مما لا يكون مقتطعاً من جملة نحو قوله:

السابقالتالي
2 3 4