الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }

هذه السورة مكية بلا خلاف، كان عليه السلام يراوح بين قدميه يقوم على رجل فنزلت قاله عليّ. وقال الضحاك: صلّى عليه السلام هو وأصحابه فأطال القيام لما أنزل عليه القرآن، فقالت قريش: ما أنزل عليه إلاّ ليشقى. وقال مقاتل: قال أبو جهل والنضر والمطعم: إنك لتشقى بترك ديننا فنزلت. ومناسبة هذه السورة لآخر ما قبلها أنه تعالى لما ذكر تيسير القرآن بلسان الرسول صلى الله عليه وسلم أي بلغته وكان فيما علل به قولهلتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً } [مريم: 97] أكد ذلك بقوله { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلاّ تذكرة لمن يخشى } والتذكرة هي البشارة والنذارة، وإن ما ادعاه المشركون من إنزاله للشقاء ليس كذلك بل إنما نزل تذكرة، والظاهر أن طه من الحروف المقطعة نحو: يس وألر وما أشبههما، وتقدم الكلام على ذلك في أول البقرة. وعن ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة: معنى { طه } يا رجل. فقيل بالنبطية. وقيل بالحبشية. وقيل بالعبرانية. وقيل لغة يمنية في عك. وقيل في عكل. وقال الكلبي: لو قلت في عك يا رجل لم يجب حتى تقول { طه }. وقال السدّي معنى { طه } يا فلان. وأنشد الطبري في معنى يا رجل في لغة عك قول شاعرهم:
دعوت بطه في القتال فلم يجب   فخفت عليه أن يكون موائلاً
وقول الآخر:
إن السفاهة طه من خلائقكم   لا بارك الله في القوم الملاعين
وقيل هو اسم من أسماء الرسول. وقيل: من أسماء الله. وقال الزمخشري: ولعل عكاً تصرفوا في يا هذا كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء فقالوا في يا طأ واختصروا هذا فاقتصروا على ها، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفي في البيت المستشهد به:
إن السفاهة طه في خلائقكم   لا قدس الله أخلاق الملاعين
انتهى. وكان قد قدم أنه يقال إن طاها في لغة عك في معنى يا رجل، ثم تخرص وحزر على عك بما لا يقوله نحوي هو أنهم قلبوا الياء طاء وهذا لا يوجد في لسان العرب قلب يا التي للنداء طاء، وكذلك حذف اسم الإشارة في النداء وإقرارها التي للتنبيه. وقيل: طا فعل أمر وأصله طأ، فخففت الهمزة بإبدالها ألفاً وها مفعول وهو ضمير الأرض، أي طأ الأرض بقدميك ولا تراوح إذ كان يراوح حتى تورمت قدماه. وقرأت فرقة منهم الحسن وعكرمة وأبو حنيفة وورش في اختياره { طه }. قيل: وأصله طأ فحذفت الهمزة بناء على قلبها في يطأ على حد لا هناك المرتع بُني الأمر عليه وأدخلت هاء السكت وأجري الوصل مجرى الوقف، أو أصله طأ وأبدلت همزته هاء فقيل { طه }. وقرأ الضحاك وعمرو بن فائد: طاوي.

السابقالتالي
2 3 4 5