الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } * { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } * { خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } * { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } * { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } * { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } * { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }

نسف ينسف بكسر سين المضارع وضمها نسفاً فرّق وذرى. وقال ابن الأعرابي: قلع من الأصل. الزرقة: لون معروف، يقال: زرقت عينه وازرَّقت وازراقت، القاع قال ابن الأعرابي: الأرض الملساء لا نبات فيها ولا بناء. وقال الجوهري: المستوي من الأرض. ومنه قول ضرار بن الخطاب:
ليكونن بالبطاح قريش   فقعة القاع في أكف الإماء
والجمع أقوع وأقواع وقيعان. وحكى مكي أن القاع في اللغة المكان المنكشف. وقال بعض أهل اللغة: القاع مستنقع الماء. الصفصف: المستوى الأملس. وقيل: الذي لا نبات فيه، وهو مضاعف كالسبسب. الأمت: التل. والعوج: التعوج في الفجاج قاله ابن الأعرابي. الهمس: الصوت الخفي قاله أبو عبيدة. وقيل: وطء الأقدام. قال الشاعر:
وهـن يمشيـن بنـا هميساً   
ويقال للأسد الهموس لخفاء وطئه، ويقال همس الطعام مضغه. عنا يعنو: ذل وخضع، وأعناه غيره أذلة. وقال أمية بن أبي الصلت:
مليك على عرش السماء مهيمن   لعزته تعنو الوجوه وتسجد
الهضم: النقص تقول العرب: هضمت لك حقي أي حططت منه، ومنه هضيم الكشحين أي ضامرهما وفي الصحاح: رجل هضيم ومتهضم مظلوم وتهضمه واهتضمه ظلمه. وقال المتوكل الليثي:
إن الأذلة واللئام لمعشر   مولاهم المتهضم المظلوم
{ كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكراً من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً. خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملاً. يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشراً نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً. ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً. فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً }.

ذلك إشارة إلى نبأ موسى وبني إسرائيل وفرعون أي كقصنا هذا النبأ الغريب نقص عليك من أنباء الأمم السابقة، وهذا فيه ذكر نعمة عظيمة وهي الإعلام بأخبار الأمم السالفة ليتسلى بذلك ويعلم أن ما صدر من الأمم لرسلهم وما قاست الرسل منهم، والظاهر أن الذكر هنا القرآن امتن تعالى عليه بإيتائه الذكر المشتمل على القصص والأخبار الدال ذلك على معجزات أوتيها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7