الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

القوم: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وإنما واحده امرؤ، وقياسه أن لا يجمع، وشذ جمعه، قالوا: أقوام، وجمع جمعه قالوا: أقاويم فقيل يختص بالرجال. قال تعالى:لا يسخر قوم من قوم } [الحجرات: 11]، ولذلك قابله بقوله:ولا نساء من نساء } [الحجرات: 11]. وقال زهير:
أقـوم آل حصـن أم نسـاء   
وقال آخر:
قومي هم قتلوا أميم أخي   فإذا رميت يصيبني سهمي
وقال آخر:
لا يبعدن قومي الذين هم   سم العداة وآفة الجزر
وقيل: لا يختص بالرجال بل ينطلق على الرجال والنساء:إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه } [نوح: 1]ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة } [غافر: 41]. كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، قال هذا القائل: أما إذا قامت قرينة على التخصيص فيبطل العموم ويكون المراد ذلك الشيء المخصص. والقول الأول أصوب، ويكون اندراج النساء في القوم على سبيل الاستتباع وتغليب الرجال، والمجاز خير من الاشتراك. وسمي الرجال قوماً لأنهم يقومون بالأمور. البارىء: الخالق، برأ يبرأ: خلق، وفي الجمع بين الخالق والبارىء في قوله:هو الله الخالق البارئ المصور } [الحشر: 24]، ما يدل على التباين، إلا أن حمل على التوكيد. وقد فرق بعض الناس بينهما، فقال: البارىء هو المبدع المحدث، والخالق هو المقدر الناقل من حال إلى حال. وقال بعض العلماء: برأ وأنشأ وأبدع نظائر. قال المهدوي وغيره: واللفظ له، وأصله من تبرى الشيء من الشيء، وهو انفصاله منه، فالخلق قد فصلوا من العدم إلى الوجود، انتهى. وقال أميّة: الخالق البارىء المصور في الأرحام ماء حتى يصير دماً. القتل: إزهاق الروح بفعل أحد، من طعن أو ضرب أو ذبح أو خنق أو ما شابه ذلك، وأما إذا كان من غير فعل فهو موت هلاك، والمقتل: المذلل، وقال امرؤ القيس:
بسهميـك فـي أعشـار قلـب مقتـل   
شرحوه: بالمذلل.

خير: هي أفعل التفضيل، حذفت همزتها شذوذاً في الكلام فنقص بناؤها فانصرفت، كما حذفوها شذوذاً في الشعر من أحب للتي للتفضيل، وقال الأحوص:
وزادني كلفاً بالحب أن منعت   وحب شيء إلى الإنسان ما منعا
وقد نطقوا بالهمزة في الشعر، قال الشاعر:
بـلال خيـر النـاس وابـن الأخْيـر   
وتأتي خير أيضاً لا، بمعنى التفضيل، تقول: في زيد خير، تريد بذلك خصلة جميلة، ومخففاً من خير: رجل خير، أي فيه خير، ويمكن أن يكون من ذلك: { فيهنّ خيرات حسان }. حتى: حرف معناه الكثير، فيه الغاية، وتكون للتعليل، وإبدال حائها عيناً لغة هذيل، وسمع فيها الإمالة قليلاً، وأحكامها مستوفاة في النحو. الرؤية الإبصار، والماضي رأى، عينه همزة تحذف في مضارعه، والأمر منه وبناء أفعل، والأمر منه، واسم الفاعل، واسم المفعول، تقول: يرى وترى ونرى وأرى زيداً، وأريت زيداً، ورزيداً، ومر زيداً، ومرى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد