الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } * { وٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ الم } أسماء مدلولها حروف المعجم، ولذلك نطق بها نطق حروف المعجم، وهي موقوفة الآخر، لا يقال إنها معربة لأنها لم يدخل عليها عامل فتعرب ولا يقال إنها مبنية لعدم سبب البناء، لكن أسماء حروف المعجم قابلة لتركيب العوامل عليها فتعرب، تقول هذه ألف حسنة ونظير سرد هذه الأسماء موقوفة، أسماء العدد، إذا عدّوا يقولون: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة. وقد اختلف الناس في المراد بها، وسنذكر اختلافهم إن شاء الله تعالى. { ذلك } ، ذا: إسم إشارة ثنائي الوضع لفظاً، ثلاثي الأصل، لا أحادي الوضع، وألفه ليست زائدة، خلافاً للكوفيين والسهيلي، بل ألفه منقلبة عن ياء، ولامه خلافاً لبعض البصريين في زعمه أنها منقلبة من واو من باب طويت وهو مبني. ويقال فيه: ذا وذائه وهو يدل على القرب، فإذا دخلت الكاف فقلت: ذاك دل على التوسط، فإذا أدخلت اللام فقلت: ذلك دل على البعد، وبعض النحويين رتبة المشار إليه عنده قرب وبعد. فمتى كان مجرداً من اللام والكاف كان للقرب، ومتى كانتا فيه أو إحداهما كان للبعد، والكاف حرف خطاب تبين أحوال المخاطب من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث كما تبينها إذا كان ضميراً، وقالوا: ألك في معنى ذلك؟ ولاسم الإشارة أحكام ذكرت في النحو. { الكتاب } ، يطلق بإزاء معان العقد المعروف بين العبد وسيده على مال مؤجل منجم للعتقوالذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم } [النور: 33]، وعلى الفرضإن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } [النساء: 103]،كتب عليكم القصاص } [البقرة: 178]كتب عليكم الصيام } [البقرة: 183] وعلى الحكم، قاله الجوهري لأقضين بينكما بكتاب الله كتاب الله أحق وعلى القدر:
يا ابنة عمي كتاب الله أخرجني   عنكم وهل أمنعن الله ما فعلا
أي قدر الله وعلى مصدر كتبت تقول: كتبت كتاباً وكتباً، ومنه كتاب الله عليكم، وعلى المكتوب كالحساب بمعنى المحسوب، قال:
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة   أتتك من الحجاج يتلى كتابها
{ لا } نافية، والنفي أحد أقسامها، وقد تقدمت. { ريب } ، الريب: الشك بتهمة راب حقق التهمة قال:
ليس في الحق يا أمية ريب   إنما الريب ما يقول الكذوب
وحقيقة الريب قلق النفس: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الشك ريبة وإن الصدق طمأنينة ومنه: أنه مر بظني خافق فقال لا يربه أحد بشيء، وريب الدهر: صرفه وخطبه. { فيه }: في للوعاء حقيقة أو مجاز، أو زيد للمصاحبة، وللتعليل، وللمقايسة، ولموافقة على، والباء مثل ذلك زيد في المسجدولكم في القصاص حياة } [البقرة: 179]ادخلوا في أمم } [الأعراف: 38]لمسكم فيما أفضتم } [النور: 14]،في الحياة الدنيا وفي الآخرة } [يونس: 64]في جذوع النخل } [طه: 71]يذرؤكم فيه } [الشورى: 11]، أي يكثركم به. الهاء المتصلة بفي من فيه ضمير غائب مذكر مفرد، وقد يوصل بياء، وهي قراءة ابن كثير، وحكم هذه الهاء بالنسبة إلى الحركة والإسكان والاختلاس والإشباع في كتب النحو.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد