الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

نزل { فخلف } في اليهود عن ابن عباس ومقاتل، وفيهم وفي النصارى عن السدي، وفي قوم من أمّة الرسول يأتون عند ذهاب صالحيها يتبارزون بالزنا ينزو في الأزقة بعضهم على بعض عن مجاهد وقتادة وعطاء ومحمد بن كعب القرظي. وعن وهب: هم شرّابو القهوة، وتقدم الكلام على { خلف } في الأعراف، وإضاعة الصلاة تأخيرها عن وقتها قاله ابن مسعود والنخعي والقاسم بن مخيمرة ومجاهد وإبراهيم وعمر بن عبد العزيز. وقال القرظي واختاره الزجّاج: إضاعتها الإخلال بشروطها. وقيل: إقامتها في غير الجماعات. وقيل: عدم اعتقاد وجوبها. وقيل: تعطيل المساجد والاشتغال بالصنائع. والاسباب، و { الشهوات } عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة وذكر الله. وعن عليّ من بني الشديد وركب المنظور ولبس المشهور. وقرأ عبد الله والحسن وأبو رزين العقيلي والضحاك وابن مقسم الصلوات جمعاً. والغيّ عند العرب كل شر، والرشاد كل خير. قال الشاعر:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره   ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
وقال الزجاج: هو على حذف مضاف أي جزاء غي كقولهيلق أثاماً } [الفرقان: 68] أي مجازاة آثام. وقال ابن زيد: الغي الخسران والحصول في الورطات. وقال عبد الله بن عمرو وابن مسعود وكعب: غيّ واد في جهنم. وقال ابن زيد: ضلال. وقال الزمخشري: أو { غياً } عن طريق الجنة. وحكى الكرماني: آبار في جهنم يسيل إليها الصديد والقيح. وقيل: هلاك. وقيل: شر. وقرىء فيما حكى الأخفش { يلقون } بضم الياء وفتح اللام وشد القاف. { إلا من تاب } استثناء ظاهره الاتصال. وقال الزجاج: منقطع { وآمن } هذا يدل على أن تلك الإضاعة كفر، وقرأ الحسن { يدخلون } مبنياً للفاعل، وكذا كل ما في القرآن من { يدخلون }. وقرأ كذلك هنا الزهري وحميد وشيبة والأعمش وابن أبي ليلى وابن مناذر وابن سعدان. وقرأ ابن غزوان عن طلحة: سيدخلون بسين الاستقبال مبنياً للفاعل.

وقرأ الجمهور جنات نصباً جمعاً بدلاً من { الجنة } { ولا يظلمون شيئاً } اعتراض أو حال. وقرأ الحسن وأبو حيوة وعيسى بن عمر والأعمش وأحمد بن موسى عن أبي عمرو { جنات } رفعاً جمعاً أي تلك جنات وقال الزمخشري الرفع على الابتداء انتهى يعني والخبر { التي }. وقرأ الحسن بن حي وعليّ بن صالح جنة عدن نصباً مفرداً ورويت عن الأعمش وهي كذلك في مصحف عبد الله. وقرأ اليماني والحسن وإسحاق الأزرق عن حمزة جنة رفعاً مفرداً و { عدن } إن كان علماً شخصياً كان التي نعتاً لما أضيف إلى { عدن } وإن كان المعنى إقامة كان { التي } بدلاً.

وقال الزمخشري: { عدن } معرفة علم لمعنى العدن وهو الإقامة، كما جعلوا فينة وسحر وأمس في من لم يصرفه أعلاماً لمعاني الفينة والسحر والأمس، فجرى العدن كذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6