الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } * { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } * { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }

قال الحسن، وعطاء، وعكرمة، وجابر: هي كلها مكية. وقال ابن عباس: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة بعد حمزة وهي قوله: { ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً } إلى قوله:بأحسن ما كانوا يعملون } [النحل: 97] وقيل: إلا ثلاث آياتوإن عاقبتم } [النحل: 126] الآية نزلت في المدينة في شأن التمثيل بحمزة وقتلى أحد، وقوله:واصبر وما صبرك إلا بالله } [النحل: 127] وقوله:ثم إن ربك للذين هاجروا } [النحل: 110] وقيل: من أولها إلى قوله: { يشركون } مدني وما سواه مكي. وعن قتادة عكس هذا.

ووجه ارتباطها بما قبلها أنه تعالى لما قال:فوربك لنسألنهم أجمعين } [الحجر: 92] كان ذلك تنبيهاً على حشرهم يوم القيامة، وسؤالهم عما أجرموه في دار الدنيا، فقيل: أتى أمر الله وهو يوم القيامة على قول الجمهور. وعن ابن عباس المراد بالأمر: نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهوره على الكفار. وقال الزمخشري: كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة، أو نزول العذاب بهم يوم بدر استهزاء وتكذيباً بالوعد انتهى. وهذا الثاني قاله ابن جريج قال: الأمر هنا ما وعد الله نبيه من النصر وظفره بإعدائه، وانتقامه منهم بالقتل والسبي ونهب الأموال، والاستيلاء على منازلهم وديارهم. وقال الضحاك: الأمر هنا مصدر أمر، والمراد به: فرائضه وأحكامه. قيل: وهذا فيه بعد، لأنه لم ينقل أنّ أحداً من الصحابة استعجل فرائض من قبل أن تفرض عليهم. وقال الحسن وابن جريج أيضاً: الأمر عقاب الله لمن أقام على الشرك، وتكذيب الرسول، واستعجال العذاب منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم. وقريب من هذا القول قول الزجاج: هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم. وقيل: الأمر بعض أشراط الساعة. وأتى قيل: باق على معناه من المضي، والمعنى: أقي أمر الله وعداً فلا تستعجلوه وقوعاً. وقيل: أتى أمر الله، أتت مبادئه وأماراته. وقيل: عبر بالماضي عن المضارع لقرب وقوعه وتحققه، وفي ذلك وعيد للكفار. وقرأ الجمهور: تستعجلوه بالتاء على الخطاب، وهو خطاب للمؤمنين أو خطاب للكفار على معنى: قل لهم فلا تستعجلوه. وقال تعالى:يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } [الشورى: 18] وقرأ ابن جبير: بالياء نهياً للكفار، والظاهر عود الضمير في فلا تستعجلوه على الأمر لأنه هو المحدث عنه. وقيل: يعود على الله أي: فلا تستعجلوا الله بالعذاب، أو بإتيان يوم القيامة كقوله:ويستعجلونك بالعذاب } [الحج: 47، العنكبوت: 53] وقرأ حمزة والكسائي: تشركون بتاء الخطاب، وباقي السبعة والأعرج وأبوه جعفر، وابن وضاح، وأبو رجاء، والحسن. وقرأ عيسى: الأولى بالتاء من فوق، والثانية بالياء والتاء من فوق معاً؛ الأعمش، وأبو العالية، وطلحة، وأبو عبد الرحمن، وابن وثاب، والجحدري، وما يحتمل أن تكون بمعنى الذي ومصدرية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7