الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } * { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ }

البدو البادية وهي خلاف الحاضرة.

{ فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وقال يا أبت هـذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم. رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين }: في الكلام حذف تقديره: فرحل يعقوب بأهله أجمعين، وساروا حتى تلقوا يوسف. قيل: وجهز يوسف إلى أبيه جهازاً، ومائتي راحلة ليتجهز إليه بمن معه، وخرج يوسف قيل: والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء وأهل مصر بأجمعهم، فتلقوا يعقوب عليه السلام وهو يمشي يتوكأ على يهوذ، فنظر إلى الخيل والناس فقال: يا يهوذا أهذا فرعون مصر؟ فقال: لا، هذا ولدك. فلما لقيه يعقوب عليه السلام قال: السلام عليك يا مذهب الأحزان. وقيل: إن يوسف قال له لما التقيا: يا أبت، بكيت عليّ حتى ذهب بصرك، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ قال: بلى، ولكن خشيت أن تسلب دينك، فيحال بيني وبينك. آوي إليه أبويه أي: ضمهما إليه وعانقهما، والظاهر أنهما أبوه وأمه راحيل. فقال الحسن وابن إسحاق: كانت أمه بالحياة. وقيل: كانت ماتت من نفاس بنيامين، وأحياها له ليصدق رؤياه في قوله:والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } [يوسف: 4] حكي هذا عن الحسن وابن إسحاق أيضاً. وقيل: أبوه وخالته، وكان يعقوب تزوجها بعد موت راحيل، والخالة أم. روي عن ابن عباس، وكانت ربت يوسف، والرابة تدعى أمّاً. وقال بعضهم: أبوه وجدته أم أمه، حكاه الزهراوي. وفي مصحف عبد الله آوى إليه أبويه وإخوته. وظاهر قوله: ادخلوا مصر، إنه أمر بإنشاء دخول مصر. قال السدي: قال لهم ذلك وهم في الطريق حين تلقاهم انتهى. فيبقى قوله: فلما دخلوا على يوسف كأنه ضرب له مضرب، أو بيت حالة التلقي في الطريق فدخلوا عليه فيه. وقيل: دخلوا عليه في مصر. ومعنى ادخلوا مصر أي: تمكنوا منها واستقروا فيها. والظاهر تعلق الدخول على مشيئة الله لما أمرهم بالدخول، علق ذلك على مشيئة الله لأن جميع الكائنات إنما تكون بمشيئة الله، وما لا يشاء لا يكون. وقال الزمخشري: التقدير ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، إن شاء الله دخلتم آمنين، ثم حذف الجزاء لدلالة الكلام، ثم اعترض بالجملة الجزائية بين الحال وذي الحال. ومن بدع التفاسير أن قوله: إن شاء الله من باب التقديم والتأخير، وأن موضعه بعد قوله: سوف أستغفر لكم ربي في كلام يعقوب انتهى.

السابقالتالي
2 3 4