الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } * { جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }

{ وما أمروا } يعني هؤلاء الكفار { إلا ليعبدوا الله } أي وما أمروا إلا أن يعبدوا الله قال ابن عباس: ما أمروا في التوراة، والإنجيل، إلا بإخلاص العبادة لله موحدين له { مخلصين له الدين } الإخلاص عبارة عن النّية الخالصة، وتجريدها عن شوائب الرّياء، وهو تنبيه على ما يجب من تحصيل الإخلاص من ابتداء الفعل إلى انتهائه، والمخلص هو الذي يأتي بالحسن لحسنه والواجب لوجوبه والنّية الخالصة لما كانت معتبرة. كانت النية معتبرة فقد دلت الآية على أن كل مأمور به فلا بد وأن يكون منوياً فلا بد من اعتبار النية في جميع المأمورات، قال أصحاب الشّافعي: الوضوء مأمور به ودلت هذه الآية على أن كل مأمور به يجب أن يكون منوياً، فتجب النية في الوضوء، وقيل الإخلاص محله القلب وهو أن يأتي بالفعل لوجه الله تعالى مخلصاً له، ولا يريد بذلك رياء ولا سمعة ولا غرضاً آخر حتى قالوا في ذلك لا يجعل طلب الجنة مقصوداً ولا النجاة من النار مطلوباً، وإن كان لا بد من ذلك بل يجعل العبد عبادته لمحض العبودية واعترافاً لربه عزّ وجلّ بالرّبوبية، وقيل في معنى مخلصين له الدّين مقرين له بالعبودية، وقيل قاصدين بقلوبهم رضا الله تعالى بالعبادة م عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامكم، ولا صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم " { حنفاء } أي مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، وقيل متبعين ملة إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، وقيل حنفاء أي حجاجاً وإنما قدمه على الصّلاة والزّكاة لأن فيه صلاة وإنفاق مال، وقيل حنفاء أي مختونين محرمين لنكاح المحارم، وقيل الحنيف الذي آمن بجميع الأنبياء والرّسل، ولا يفرق بين أحد منهم فمن لم يؤمن بأشرف الأنبياء وهو محمد صلى الله عليه وسلم فليس بحنيف { ويقيموا الصلاة } أي المكتوبة في أوقاتها { ويؤتوا الزكاة } أي المفروضة عند محلها { وذلك } أي الذي أمروا به { دين القيمة } أي الملة المستقيمة والشّريعة المتبوعة، وإنما أضاف الدين إلى القيمة وهي نعته لاختلاف اللفظين وأنث القيمة رداً إلى الملة، وقيل الهاء في القيمة للمبالغة كعلامة، وقيل القيمة الكتب التي جرى ذكرها، أي وذلك دين أصحاب الكتب القيمة، وقيل القيمة جمع القيم، والقيم، والقائم واحد والمعنى وذلك دين القائمين لله بالتوحيد واستدل بهذه الآية من يقول إن الإيمان قول وعمل لأن الله تعالى ذكر الاعتقاد أولاً وأتبعه بالعمل ثانياً ثم قال وذلك دين القيمة والدين هو الإسلام والإسلام هو الإيمان بدليل قولهفأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين }

السابقالتالي
2 3