الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } * { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله سبحانه وتعالى: { يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم } يعني يعتذر هؤلاء المنافقون المتخلفون عنك يا محمد إليك وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيماً له صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنهم اعتذروا إليه وإلى المؤمنين فلهذا قال تعالى يعتذرون إليكم يعني بالأعذار الباطلة الكاذبة إذا رجعتم إليهم يعني من سفركم { قل } أي قل لهم يا محمد { لا تعتذروا } قال البغوي: روي أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك كانوا بضعة وثمانين فقال الله تعالى قل لا تعتذروا { لن نؤمن لكم } يعني لن نصدقكم فيما اعتذرتم به { قد نبأنا الله من أخباركم } يعني قد أخبرنا الله فيما سلف من أخباركم { وسيرى الله عملكم ورسوله } يعني في المستأنف أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه وقيل: يحتمل أنهم وعدوا بأن ينصروا المؤمنين في المستقبل فلهذا قال وسيرى الله عملكم ورسوله هل تفون بما قلتم أم لا { ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم } يعني فيخبركم { بما كنتم تعملون } لأنه هو المطلع على ما في ضمائركم في الخيانة والكذب وإخلاف الوعد. قوله عز وجل: { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم } يعني إذا رجعتم من سفركم إليهم يعني إلى المتخلفين بالمدينة من المنافقين { لتعرضوا عنهم } يعني لتصفحوا عنهم ولا تؤنبوهم ولا توبخوهم بسبب تخلفهم { فأعرضوا عنهم } يعني فدعوهم وما اختاروا لأنفسهم من النفاق. وقيل: يريد ترك الكلام يعني لا تكلموهم ولا تجالسوهم فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال لا تجالسوهم ولا تكلموهم قال أهل المعاني إن هؤلاء المنافقين طلبوا إعراض الصفح فأعطوا إعراض المقت ثم ذكر العلة في سبب الإعراض عنهم فقال تعالى: { إنهم رجس } يعني أن بواطنهم خبيثة نجسة وأعمالهم قبيحة { ومأواهم } يعني مسكنهم في الآخرة { جهنم جزاء بما كانوا يكسبون } يعني من الأعمال الخبيثة في الدنيا. قال ابن عباس: نزلت في الجد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما وكانوا ثمانين رجلاً من المنافقين فقال النبي: صلى الله عليه وسلم " لا تجالسوهم ولا تكلموهم " وقال مقاتل: نزلت في عبد الله بن أبي حلف للنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا إله إلا هو أنه لا يتخلف عنه بعدها وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضى عنه فأنزل الله عز وجل هذه الآية والتي بعدها { يحلفون لكم لترضوا عنهم } يعني: يحلف لكم هؤلاء المنافقون لترضوا عنهم { فإن ترضوا عنهم } يعني فإن رضيتم عنهم أيها المؤمنون بما حلفوا لكم وقبلتم عذرهم { فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } يعني أنه سبحانه وتعالى يعلم ما في قلوبهم من النفاق والشك فلا يرضى عنهم أبداً. وقوله سبحانه وتعالى: { الأعراب أشد كفراً ونفاقاً } نزلت في سكان البادية يعني أن أهل البدو أشد كفراً ونفاقاً من أهل الحضر.

السابقالتالي
2