الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }

قوله عز وجل: { ويحلفون بالله } يعني المنافقين { إنهم لمنكم } يعني على دينكم وملتكم { وما هم منكم } يعني أنهم كاذبون في أيمانهم { ولكنهم قوم يفرقون } يعني أنهم يخافون أن تظهروا على ما هم عليه من النفاق { لو يجدون ملجأ } يعني حرزاً وحصناً ومعقلاً يلجؤون إليه وقيل لو وجدوا مهرباً لهربوا إليه وقيل لو يجدون قوماً يأمنون عندهم على أنفسهم منكم لصاروا إليهم ولفارقوكم { أو مغارات } يعني غيراناً في الجبل جمع مغارة وهو الموضع الذي يغور فيه الإنسان أي يستتر { أو مدخلاً } يعني موضع دخول يدخلون فيه وهو السرب في الأرض كنفق اليربوع وقال الحسن: وجهاً يدخلونه على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم { لولو إليه } والمعنى أنهم لو وجدوا مكاناً بهذه الصفة أو على أحد هذه الوجوه الثلاثة وهي شر الأمكنة وأضيقها لولوا إليه أي لرجعوا إليه وتحرزوا فيه { وهم يجمحون } يعني وهم يسرعون إلى ذلك المكان والمعنى أن المنافقين لشدة بغضهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لو قدروا أن يهربوا منكم إلى أحد هذه الأمكنة لصاروا إليه لشدة بغضهم إياكم. قوله سبحانه وتعالى: { ومنهم من يلمزك في الصدقات } نزلت في ذي الخويصرة التميمي واسمه حرقوص بن زهير وهو أصل الخوارج ق " عن أبي سعيد الخدري قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم فيئاً فأتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويلك من يعدل إذا لم أعدل " وفي رواية: " " قد خبت وخسرت إن لم أعدل " فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم " زاد في رواية " يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين " وفي رواية " من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية " وقال الكلبي: قال رجل من المنافقين، يقال له أبو الجواظ لم تقسم بالسوية فنزلت هذه الآية، وقال قتادة: ذكر لنا " أن رجلاً من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهباً وفضة فقال: يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل فما عدلت فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " ويلك فمن ذا يعدل بعدي " وقال ابن زيد قال المنافقون والله ما يعطيها محمد إلا من أحب ولا يؤثرها إلا من يهواه فأنزل الله سبحانه وتعالى ومنهم من يلمزك في الصدقات يعني ومن المنافقين من يعيبك في قسم الصدقات وفي تفريقها ويطعن عليك في أمرها يقال همزه ولمزه بمعنى واحد أي عابه { فإن أعطوا منها } يعني من الصدقات { رضوا } يعني رضوا عنك في قسمتها { وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } يعني وإن لم تعطهم منها عابوا عليك وسخطوا.