الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ } * { مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله سبحانه وتعالى: { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } هذا معطوف على ما قبله تقديره لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار وعلى الثلاثة الذين خلفوا وفائدة هذا العطف بين قبول توبتهم وهم كعب ابن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكلهم من الأنصار وهم المرادون بقوله سبحانه وتعالى وآخرون مرجون لأمر الله وفي معنى خلفوا قولان: أحدهما أنهم خلفوا عن توبة أبي لبابة وأصحابه وذلك أنهم لم يخضعوا كما خضع أبو لبابة وأصحابه فتاب الله على أبي لبابة وأصحابه وأخر أمر هؤلاء الثلاثة مدة ثم تاب عليهم بعد ذلك والقول الثاني أنهم تخلفوا عن غزوة تبوك ولم يخرجوا مع رسول الله فيها وأما حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، فقد روي عن ابن شهاب الزهري قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب بن بنيه حين عمي قال: وكان أعلم قومه وأوعاهم لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت كعب بن مالك بن عبد الله بن مالك بن كعب يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. قال: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحداً تخلف عنها إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين توائقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حتى تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حين جمعتهما في تلك الغزوة ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً واستقبل عدواً كثيراً فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجههم الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ يريد بذلك الديوان قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفي له ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حيت طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئاً فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئاً ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت ثم لم يقدر لي ذلك فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق أو رجلاً مما عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9