الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

قوله سبحانه وتعالى: { إذ أنتم } أي اذكروا نعمة الله عليكم يا معشر المسلمين إذ أنتم { بالعدوة الدنيا } يعني بشفيرالوادي الأدنى من المدينة والدنيا هنا تأنيث الأدنى { وهم } يعني المشركين { بالعدوة القصوى } يعني بشفير الوادي الأقصى من المدينة مما يلي مكة والقصوى تأنيث الأقصى { والركب أسفل منكم } يعني أبا سفيان وأصحابه وهم غير قريش التي خرجوا لأجلها وكانوا في موضع أسفل من موضع المؤمنين إلى ساحل البحر على ثلاثة أميال من بدر { ولو تواعدتم } يعني أنتم والمشركون { لاختلفتم في الميعاد } وذلك لأن المسلمين خرجوا ليأخذوا العير وخرج الكفار ليمنعوها من المسلمين فالتقوا على غير ميعاد والمعنى ولو تواعدتم أنتم والكفار على القتال لاختلفتم أنتم وهم لقلتكم وكثرة عدوكم { ولكن } يعني ولكن الله جمعكم على غير ميعاد { ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } يعني من نصر أوليائه وإعزاز دينه وإهلاك أعدائه وأعداء دينه { ليهلك من هلك عن بينة } يعني ليموت من مات عن بينة رآها وعبرة عاينها وحجة قامت عليه { ويحيى من حي عن بينة } يعني ويعيش من عاش عن بينة رآها وعبرة شاهدها وحجة قامت عليه وقال محمد بن إسحاق: معناه ليكفر من كفر بعد حجة قامت عليه ويؤمن من آمن على مثل ذلك لأن الهلاك هو الكفر والحياة هي الإيمان ونحوه قال قتادة ليضل من ضل على بينه ويهتدي من اهتدى على بينة { وإن الله لسميع عليم } يعني يسمع دعاءكم ويعلم نياتكم ولا تخفى عليه خافية. قوله عز وجل: { إذ يريكهم الله } يعني: واذكر يا محمد نعمة الله عليك إذ يريك المشركين { في منامك } يعني في نومك { قليلاً } قال مجاهد: أراهم الله في منامه قليلاً فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وكان ذلك تثبيتاً. وقال محمد بن إسحق: فكان ما أراه الله من ذلك نعمة من نعمه عليهم يشجعهم بها على عدوهم، فكف عنهم بها ما تخوف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم. وقيل: لما أرى الله النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش في منامه قليلاً فأخبر بذلك أصحابه قالوا: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق فصار ذلك سبباً لجراءتهم على عدوهم وقوة لقلوبهم. وقال الحسن: إن هذه الإراءة كانت في اليقظة. والمراد من المنام، العين، لأنها موضع النوم { ولو أراكهم كثيراً لفشلتم } يعني لجبنتم والفشل ضعف مع جبن والمعنى ولو أراكهم كثيراً فذكرت ذلك لأصحابك لفشلوا وجبنوا عنهم { ولتنازعتم في الأمر } يعني اختلفتم في أمر الإقدام عليهم أو الإحجام عنهم وقيل معنى التنازع في الأمر الاختلاف الذي تكون معه مخاصمة ومجادلة ومجاذبة كل واحد إلى واحد إلى ناحية والمعنى: لاضطرب أمركم واختلفت كلمتكم { ولكن الله سلم } يعني: ولكن الله سلمكم من التنازع والمخالفة فيما بينكم.

السابقالتالي
2