الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله } يعني في أمر الجهاد لأن فيه بذل المال والنفس { ولا تولوا عنه } يعني عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن التولي لا يصح إلا في حق الرسول صلى الله عليه وسلم لا في حق الله تعالى والمعنى لا تعرضوا عنه وعن معونته ونصرته في الجهاد { وأنتم تسمعون } يعني القرآن يتلى عليكم { ولا تكونوا كالذين قالوا } بألسنتهم { سمعنا وهم لا يسمعون } يعني وهم لا يتعظون ولا ينتفعون بما سمعوا من القرآن والمواعظ وهذه صفة المنافقين { إن شر الدواب عند الله } يعني إن شر من دب على وجه الأرض من خلق الله عند الله { الصم } عن سماع الحق { البكم } عن النطق به فلا يقولونه { الذين لا يعقلون } يعني لا يفهمون عن الله أمره ونهيه ولا يقبلونه وإنما سماهم دواب لقلة انتفاعهم بعقولهم. قال ابن عباس: هم نفر من بني عبد الدار بن قصي كانوا يقولون نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فقتلوا جميعاً يوم أحد وكانوا أصحاب اللواء ولم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير وسويبط بن حرملة { ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم } يعني سماع تفهم وانتفاع وقبول للحق ومعنى ولو علم الله. قال الإمام فخر الدين: إن كان ما كان حاصلاً فيجب أن يعلمه الله فعدم علم الله بوجوده من لوازم عدمه فلا جرم حسن التعبير عن عدمه في نفسه بعدم علم الله بوجوده وتقديره الكلام لو حصل فيهم خير لأسمعهم الله الحجج والمواعظ سماع تعليم وتفهم { ولو أسمعهم } يعني بعد أن علم أنه لا خير فيهم لم ينتفعوا بما يسمعون من المواعظ والدلائل لقوله تعالى: { لتولوا وهم معرضون } يعني لتولوا عن سماع الحق وهم معرضون عنه لعنادهم وجحودهم الحق بعد ظهوره وقيل: إنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أحي لنا قصياً فإنه كان شيخاً مباركاً حتى يشهد لك بالنبوة فنؤمن لك فقال الله سبحانه وتعالى: ولو أحيا لهم قصياً وسمعوا كلامه لتولوا عنه وهم معرضون. قوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول } يعني أجيبوهما بالطاعة والانقياد لأمرهما { إذا دعاكم } يعني الرسول صلى الله عليه وسلم. وإنما وجد الضمير في قوله تعالى إذا دعاكم لأن استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم استجابة لله تعالى وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد واستدل أكثر الفقهاء بهذه الآية على أن ظاهر الأمر للوجوب لأن كل من أمره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بفعل فقد دعاه إليه وهذه الآية تدل على أنه لا بد من الإجابة في كل ما دعا الله ورسوله إليه خ.

السابقالتالي
2 3