الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } * { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } * { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } * { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً }

{ عيناً } بدلاً من الكافور وقيل أعني عيناً { يشرب بها } أي يشرب منها { عباد الله } قال ابن عباس أولياء الله { يفجرونها تفجيراً } أي يقودونها إلى حيث شاؤوا من منازلهم وقصورهم تفجيراً سهلاً لا يمتنع عليهم. قوله تعالى: { يوفون بالنذر } لما وصف الله تعالى ثواب الأبرار في الآخرة وصف أعمالهم في الدنيا التي يستوجبون بها هذا الثواب والمعنى كانوا في الدنيا يوفون بالنذر والنذر الإيجاب. والمعنى يوفون بما فرض الله عليهم فيدخل فيه جميع الطاعات من الأيمان والصلاة، والزكاة والصوم والحج، والعمرة، وغير ذلك من الواجبات، وقيل النذر في عرف الشرع واللغة أن يوجب الرجل على نفسه شيئاً ليس بواجب عليه، وذلك بأن يقول: لله عليَّ كذا وكذا من صدقة أو صلاة أو صوم أو حج أو عمرة يعلق ذلك بأمر يلتمسه من الله. وذلك بأن يقول إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي كان لله عليَّ كذا، ولو نذر في معصية لا يجب الوفاء به خ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من نذر أن يطيع الله فليف بنذره، ومن نذر أن يعصي الله فلا يف به " وفي رواية " فليطعه ولا يعصه " وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي ق عن ابن عباس قال: " استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فأمره أن يقضيه عنها " أخرجه الجماعة. وفي الآية دليل على وجوب الوفاء بالنذر، وهذا مبالغة في وصفهم بأداء الواجبات لأن من وفى بما أوجبه على نفسه كان لما أوجبه الله عليه أوفى. { ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } أي منتشراً فاشياً ممتداً، وقيل استطار خوفه في أهل السموات والأرض، وفي أولياء الله وأعدائه، وقيل فشا سره في السموات. فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة وكورت الشمس، والقمر، وفي الأرض فتشققت الجبال وغارت المياه وكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء، والمعنى أنهم يوفون بالنذر وهم خائفون من شر ذلك اليوم وهوله وشدته. قوله عز وجل: { ويطعمون الطعام على حبه } أي حب الطعام وقلته وشهوتهم له والحاجة إليه فوصفهم الله تعالى: بأنهم يؤثرون غيرهم على أنفسهم بالطعام، ويواسون به أهل الحاجة، وذلك لأن أشرف أنواع الإحسان والبر إطعام الطعام. لأن به قوام الأبدان، وقيل على حب الله عز وجل أي لحب الله { مسكيناً } يعني فقيراً وهو الذي لا مال له ولا يقدر على الكسب { ويتيماً } أي صغيراً وهو الذي لا أب له يكتسب له، وينفق عليه { وأسيراً } قيل هو المسجون من أهل القبلة يعني من المسلمين، وقيل هو الأسير من أهل الشرك.

السابقالتالي
2