الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } * { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ }

وقوله تعالى { كتاب أنزل إليك } يعني هذا كتاب أنزله الله إليك يا محمد وهو القرآن { فلا يكن في صدرك حرج منه } يعني: فلا يضيق صدرك بالإبلاغ وتأدية ما أرسلت به إلى الناس { لتنذر به } يعني: أنزلت إليك الكتاب يا محمد لتنذر به من أمرتك بإنذاره { وذكرى للمؤمنين } يعني: ولتذكر وتعظ به المؤمنين وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم، تقديره: كتاب أنزلناه إليك لتنذر به وذكر للمؤمنين فلا يكن في صدرك حرج منه. قال ابن عباس: فلا تكن في شك منه لأن الشك لا يكون إلا من ضيق الصدر وقلة الاتساع لتوجيه ما حصل له. قوله تعالى: { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } أي: قل يا محمد لقومك اتبعوا أيها الناس ما أنزل إليكم من ربكم يعني من القرآن الذي فيه الهدى والنور والبيان. قال الحسن: يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم والله ما نزلت آية إلا ويجب أن تعلم فيما أنزلت وما معناها، وبنحو هذا قال الزجاج: أي اتبعوا القرآن وما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مما أنزل لقوله تعالى:وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [الحشر: 7] ومعنى الآية أن الله تعالى لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنذار في قوله لتنذر به كان معنى الكلام أنذر القوماتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } [الأَعراف: 3] واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والشرك، وقيل: معناه لتنذر به وتذكر به المؤمنين فتقول لهماتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } [الأَعراف:]، وقيل: هو خطاب للكفار أي اتبعوا أيها المشركون ما أنزل إليكم من ربكم واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والشرك ويدل عليه قوله تعالى: { ولا تتبعوا من دونه أولياء } يعني ولا تتخذوا الذين يدعونكم إلى الكفر والشرك فتتبعوهم. والمعنى: ولا تتولوا من دونه شياطين الإنس والجن فيأمروكم بعبادة الأصنام واتباع البدع والأهواء الفاسدة { قليلاً ما تذكرون } يعني ما تتعظون إلا قليلاً. قوله تعالى: { وكم من قرية أهلكناها } لما أمر الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنذار والإبلاغ، وأمر أمته باتباع ما أنزله إليهم حذرهم نقمته وبأسه إن لم يتبعوا ما أمروا به فذكر في هذه الآية ما في ترك المتابعة والإعراض عن أمره من الوعيد فقال تعالى: { وكم من قرية أهلكناها } ، قيل: فيه حذف تقديره وكم من أهل قرية لأن المقصود بالإهلاك أهل القرية لا القرية، وقيل: ليس فيه حذف لأن إهلاك القرية إهلاك لأهلها { فجاءها بأسنا } يعني عذابنا. فإن قلت مجيء البأس وهو العذاب إنما يكون قبل الإهلاك فكيف قال أهلكناها فجاءها بأسنا؟ قلت: معناه وكم من قرية حكمنا بإهلاكها فجاءها بأسنا.

السابقالتالي
2