الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }

قوله تعالى: { ولكل أمة أجل } الأجل: الوقت المؤقت لانقضاء وقت المهلة ثم في هذا الأجل المذكور في الآية قولان: أحدهما أنه أجل العذاب والمعنى أن لكل أمة كذبت رسله وقتاً معيناً وأجلاً مسمى أمهلهم الله إلى ذلك الوقت { فإذا جاء أجلهم } يعنيك إذا حلَّ وقت عذابهم { لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } يعني فلا يؤخرون ولا يمهلون قدر ساعة ولا أقل من ساعة وإنما ذكرت الساعة لأنها أقل أسماء الوقت في العرف وهذا حين سألوا نزول العذاب فأخبرهم الله تعالى أن لهم وقتاً إذا جاء ذلك الوقت هو وقت إهلاكهم واستئصالهم فلا يؤخرون عنه ساعة ولا يستقدمون. والقول الثاني: إن المراد بهذا الأجل هو أجل الحياة والعمر، فإذا انقضى ذلك الأجل وحضر الموت فلا يؤخر ساعة ولا يقدم ساعة وعلى هذا القول يلزم أن يكون لكل واحد أجل لا يقع فيه تقديم ولا تأخير وإنما قال تعالى: لكل أمة تقارب أعمار أهل كل عصر فكأنهم كالواحد في مقدار العمر: وعلى هذا القول أيضاً يكون المقتول ميتاً بأجله خلافاً لمن يقول القاتل قطع عليه أجله. قوله عز وجل: { يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم } هي إن الشرطية ضمت إليها ما مؤكدة لمعنى الشرط وجزاء هذا الشرط هو الفاء وما بعده من الشرط والجزاء، وهو قوله فمن اتقى وأصلح يعني منكم وإنما قال رسل بلفظ الجمع وإن كان المراد به واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء وهو مرسل إلى كافة الخلق فذكره بلفظ الجمع على سبيل التعظيم فعلى هذا يكون الخطاب في قوله يا بني آدم لأهل مكة ومن يلحق بهم. وقيل: أراد جميع الرسل وعلى هذا فالخطاب في قوله يا بني آدم عام في كل بني آدم وإنما قال منكم يعني من جنسكم ومثلكم من بني آدم لأن الرسول إذا كان من جنسهم كان أقطع لعذرهم وأثبت للحجة عليهم لأنهم يعرفونه ويعرفون أحواله فإذا أتاهم بما لا يليق بقدرته أو بقدرة أمثاله علم أن ذلك الذي أتى به معجزة له وحجة على من خالفه { يقصون عليكم آياتي } يعني يقرؤون عليكم كتابي وأدلة أحكامي وشرائعي التي شرعت لعبادي { فمن اتقى } يعني فمن اتقى الشرك ومخالفة رسلي { وأصلح } يعني العمل الذي أمرته به رسلي فعمل بطاعتي وتجنب معصيتي وما نهيته عنه { فلا خوف عليهم } يعني حين يخاف غيرهم يوم القيامة من العذاب { ولا هم يحزنون } يعني على ما فاتهم من دنياهم التي تركوها { والذين كذبوا بآياتنا } يعني ومن جحدوا آياتنا وكذبوا رسلنا { واستكبروا عنها } يعني واستكبروا عن الإيمان بها وما جاءت به رسلنا { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } يعني لا يخرجون منها أبداً.

السابقالتالي
2 3