الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَٱتَّقُوهُ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

{ وأن أقيموا الصلاة واتقوه } يعني وأمرنا بإقامة الصلاة والتقوى لأن فيهما ما يقرب إليه { وهو الذي إليه تحشرون } يعني في يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم. قوله عز وجل: { وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق } يعني إظهاراً للحق فعلى هذا تكون الباء بمعنى اللام لأنه جعل صنعه دليلاً على وحدانيته. وقيل: خلقها بكمال قدرته وشمول علمه وإتقان صنعه وكل ذلك حق. وقيل خلقها بكلامه الحق وهو قول كن وفيه دليل على أن كلام الله تعالى ليس بمخلوق لأنه لا يخلق مخلوق بمخلوق { ويوم يقول كن فيكون }. وقيل إنه راجع إلى خلق السموات. والمعنى: اذكر يوم قال للسموات والأرض كن فيكون. قيل: يرجع إلى القيامة ويدل عليه سرعة البعث والحساب كأنه قال: ويوم يقول للخلق موتوا فيموتون وقوموا للحساب فيقومون أحياء { قوله الحق } يعني أن قول الله تبارك وتعالى للشيء إذا أراده كن فيكون حق وصدق وهو كائن لا محالة { وله الملك يوم ينفخ في الصور } إنما أخبر عن ملكه يومئذ وإن كان الملك له سبحانه وتعالى خالصاً في كل وقت في الدنيا والآخرة لأنه لا منازع يومئذ يدعي الملك وأنه المنفرد بالملك يومئد وأن من كان يدعي الملك بالباطل من الجبابرة والفراعنة وسائر الملوك الذين كانوا في الدنيا قد زال ملكهم واعترفوا بأن الملك لله الواحد القهار وإنه لا منازع له فيه واعلموا أن الذي كانوا يدعونه من الملك في الدنيا باطل وغرور. واختلف العلماء في الصور المذكور في الآية فقال قوم: هو قرن ينفخ فيه وهو لغة أهل اليمن: قال مجاهد: الصور قرن كهيئة البوق ويدل على صحة هذا القول ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما الصور؟ " قال قرن ينفخ فيه " أخرجه أبو داود والترمذي. عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " " كيف أنتم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ فكان ذلك ثقل على أصحابه " فقالوا كيف نفعل يا رسول الله وكيف نقول؟ قال: " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا، وربما قال توكلنا على الله " أخرجه الترمذي. وقال أبو عبيدة: الصور جمع صورة والنفخ فيه إحياؤها بنفخ الروح فيها. وهذا قول الحسن ومقاتل. والقول الأول أصح لما تقدم في الحديث ولقوله تعالى في آية أخرى: ثم نفخ فيه أخرى: ولإجماع أهل السنة أن المراد بالصور هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل نفختين، نفخة الصعق، ونفخة البعث للحساب. وقوله تعالى: { عالم الغيب والشهادة } يعني أنه تعالى ما غاب عن عباده وما يشاهدونه فلا يغيب عن عمله شيء { وهو الحكيم } يعني في جميع أفعاله وتدبير خلقه { الخبير } يعني بكل ما يفعلونه من خير أو شر.