الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } قال سلمان وخباب بن الأرت: فينا نزلت هذه الآية جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري وهما من المؤلفة قلوبهم فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم قاعداً مع صهيب وبلال وعمار وخباب في نفر من ضعفاء المؤمنين فلما رأوهم حوله، حقّروهم فأتوه فقالوا: يا رسول الله لو جلست في صدر المجلس ونفيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم وكانت عليهم جباب صوف لها رائحة ليس عليهم غيرها لجالسناك وأخذنا عنك فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ما أنا بطارد المؤمنين " قالوا: فإنا نحب أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف به العرب فضلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فأقعدهم إن شئت. قال: نعم. قالوا فاكتب لنا عليك بذلك كتاباً. قال: فأتى بالصحيفة ودعا علياً ليكتب. قال: ونحن قعود في ناحية إذا نزل جبريل عليه السلام بقوله: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } إلى قوله { أليس الله بأعلم الشاكرين } فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيفة من يده ثم دعانا فأتيناه وهو يقول سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله تبارك وتعالى:واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } [الكهف: 28] الآية فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد ذلك وندنو منه حتى كانت ركبنا تمس ركبته فإذا بلغ الساعة التي يريد أن يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم وقال لنا " الحمد الله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمتي معكم المحيا ومعكم الممات " وروي عن سعد بن أبي وقاص قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترؤون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هزيل وبلال ورجلان لست أسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } أخرجه مسلم. وقال الكلبي: قالوا له، يعني أشراف قريش، اجعل لنا يوماً ولهم يوماً. قال: لا أفعل. قالوا: فاجعل المجلس واحداً وأقبل علينا وولَِّ ظهرك إليهم. فأنزل الله هذه الآية. وقال مجاهد: قالت قريش لولا بلال وابن أم عبد يعني ابن مسعود لبايعناك فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال ابن مسعود: مر ملأ من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد رضيت بهؤلاء بدلاً من قومك هؤلاء الذين مَنَّ الله عليهم من بيننا أنحن نكون تبعاً لهؤلاء اطردهم فلعلك إن طردتهم أن نتبعك فنزلت هذه الآية.

السابقالتالي
2 3