الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته } أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيل وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم له وقال { ويجعل لكم نوراً تمشون به } القرآن واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال { لئلا يعلم أهل الكتاب } الذين يتشبهون بكم { ألا يقدرون على شيء من فضل الله } الآية أخرجه النسائي موقوفاً على ابن عباس وقال قوم انقطع الكلام عند قوله ورحمة ثم قال ورهبانية ابتدعوها وذلك أنهم تركوا الحق فأكلوا الخنزير وشربوا الخمر وتركوا الوضوء والغسل من الجنابة والختان،فما رعوها } [الحديد: 27] يعني الملة والطاعة حق رعايتها كناية عن غير مذكور { فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم } وهم أهل الرأفة والرحمة { وكثير منهم فاسقون } هم الذين غيروا وبدلوا وابتدعوا الرهبانية ويكون معنى قوله: { ابتغاء رضوان الله } على هذا التأويل: { ما كتبناها عليهم } ولكن ابتغاء رضوان الله وابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر به دون الترهب لأنه لم يأمر به. قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } الخطاب لأهل الكتابين من اليهود والنصارى يعني يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى اتقوا الله في محمد وآمنوا به وهو قوله تعالى: { وآمنوا برسوله } يعني بمحمد صلى الله عليه وسلم { يؤتكم كفلين } أي نصيبين { من رحمته } يعني يؤتكم أجرين لإيمانكم بعيسى والإنجيل وبمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ق عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك الذي أدى حق مواليه وحق الله ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران " ، { ويجعل لكم نوراً تمشون به } يعني على الصراط وقال ابن عباس: النور هو القرآن وقيل هو الهدى والبيان أي يجعل لكم سبيلاً واضحاً في الدين تهتدون به { ويغفر لكم } أي ما سلف من ذنوبكم قبل الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، { والله غفور رحيم لئلا يعلم أهل الكتاب } قيل لما سمع من لم يؤمن من أهل الكتاب قوله: { أولئك يؤتون أجرهم مرتين } ، قالوا للمسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجره مرتين لإيمانه بكتابكم وكتابنا ومن لم يؤمن فله أجر كأجركم فما فضلكم علينا فنزل { لئلا يعلم } أي ليعلم ولا صلة أهل الكتاب يعني الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وحسدوا المؤمنين { ألا يقدرون } يعني أنهم لا يقدرون { على شيء من فضل الله } والمعنى جعلنا الأجرين لمن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ليعلم الذين لم يؤمنوا به أنهم لا أجر لهم ولا نصيب من فضل الله وقيل لما نزل في مسلمي أهل الكتاب { أولئك يؤتون أجرهم مرتين } افتخروا على المسلمين بزيادة الأجر فشق ذلك على المسلمين فنزل لئلا يعلم أهل الكتاب يعني المؤمنين منهم أن لا يقدرون على شيء من فضل الله، { وأن الفضل بيد الله } يعني الذي خصكم به فإنه فضلكم على جميع الخلائق وقيل يحتمل أن يكون الأجر الواحد أكثر من الأجرين وقيل قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبي يقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من العرب كفروا به فأنزل هذه الآية فعلى هذا يكون فضل الله النبوة { يؤتيه من يشاء } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وهو قوله { وأن الفضل بيد الله } أي في ملكه وتصرفه يؤتيه من يشاء لأنه قادر مختار، { والله ذو الفضل العظيم } خ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم على المنبر يقول

السابقالتالي
2