الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } * { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ }

{ ولله ما في السموات وما في الأرض } وهذه إشارة إلى كمال قدرته وغناه وهو معترض بين الآية الأولى وبين قوله { ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا }. والمعنى: إذا كان أعلم بهم جازى كل أحد بما يستحقه فيجزي الذين أساؤوا أي أشركوا بما عملوا من الشرك { ويجزي الذين أحسنوا } أي وحدوا ربهم { بالحسنى } يعني الجنة وإنما يقدر على مجازاة المحسن والمسيء إذا كان كثير الملك كامل القدرة فلذلك قال ولله ما في السموات وما في الأرض ثم وصف المحسنين فقال عز وجل: { الذين يجتنبون كبائر الإثم } قيل: الإثم، الذنب الذي يستحق صاحبه العقاب وقيل: هو اسم للأفعال المبطئة عن الثواب، وقيل: هو فعل ما لا يحل وقيل: الإثم جنس يشتمل على كبائر وصغائر وجمعه آثام والكبيرة متعارفة في كل ذنب تعظم عقوبته وجمعه كبائر { والفواحش } جمع فاحشة، وهي ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال وقيل: هي ما فحش من الكبائر { إلا اللمم } أي إلا ما قل وصغر من الذنوب وقيل: هي مقاربة المعصية من قولك ألممت بكذا إذا قاربته من غير مواقعة واختلفوا في معنى الآية فقيل هذا استثناء صحيح واللمم من الكبائر والفواحش ومعنى الآية: إلا إن يلم بالفاحشة مرة ثم يتوب أو يقع الوقعة ثم ينتهي وهو قول أبي هريرة ومجاهد والحسن ورواية عن ابن عباس. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: اللمم ما دون الشرك. وقال أبو صالح: سئلت عن قول الله عز وجل إلا اللمم فقلت: هو الرجل يلم بالذنب ثم لا يعاوده فذكرت ذلك لابن عباس فقال: أعانك عليها ملك كريم. عن ابن عباس في قوله عز وجل: { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم }. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن تغفر اللهم تغفر جماً وأي عبد لك لا ألما " أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب وقيل: أصل اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان الحين بعد الحين ولا يكون له إعادة ولا إقامة وقيل: هو استثناء منقطع مجازه لكن اللمم ولم يجعل اللمم من الكبائر والفواحش ثم اختلفوا في معناه فقيل هو ما سلف في الجاهلية فلا يؤاخذهم به في الإسلام وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين: إنهم كانوا بالأمس يعملون معنا فأنزل الله عز وجل هذه الآية وهذا قول زيد بن ثابت وزيد بن سلم. وقيل: اللمم هو صغار الذنوب كالنظرة والغمزة والقبلة ونحو ذلك مما هو دون الزنى وهو قول ابن مسعود وأبي هريرة ومسروق والشعبي والرواية الأخرى عن ابن عباس ق عن ابن عباس قال ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2 3