الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قوله تعالى: { أحل لكم صيد البحر وطعامه } المراد بالصيد ما صيد من البحر والمراد جميع المياه العذبة والمالحة. فأما طعامه. فاختلفوا فيه فقيل: هو ما قذفه البحر ورمى به إلى الساحل يروى ذلك عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي أيوب وقتادة وقيل: صيد البحر طريه وطعامه مالحه. يروى ذلك عن سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب والسدي. ويروى عن ابن عباس ومجاهد كالقولين وجملة حيوان الماء على قسمين: سمك وغير سمك فأما السمك فجميعه حلال على اختلاف أجناسه وأنواعه " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته " أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي. ولا فرق بين أن يموت بسبب أو بغير سبب فيحل أكله وقال أبو حنيفة لا يحل إلا أن يموت بسبب وما عدا السمك فقسمان: قسم يعيش في البر والبحر كالضفدع والسرطان فلا يحل أكلهما وقال سفيان أرجو أن يكون بالسرطان بأس واختلفوا في الجراد فقيل هو من صيد البحر فيحل أكله للمحرم وذهب جمهور العلماء إلى أنه من صيد البر وأنه لا يحل للمحرم أكله في حال الإحرام فإن أصاب جرادة فعليه صدقة. قال عمر: في الجرادة تمرة. وعنه وعن ابن عباس قبضة من طعام وكذلك طير الماء فهو من صيد البر أيضاً وقال أحمد: يؤكل كل ما في البحر إلا الضفدع والتمساح قال لأن التمساح يفترس ويأكل الناس. وقال ابن أبي ليلى ومالك يباح كل ما في البحر وذهب جماعة إلى أن ماله نظير من البر يؤكل فيؤكل نظيره من حيوان البحر مثل بقر الماء ونحوه ولا يؤكل ما لا يؤكل نظيره في البر مثل كلب الماء وخنزير الماء فلا يحل أكله. قوله تعالى: { متاعاً لكم وللسيارة } يعني ينتفع به المقيمون والمسافرون فيتزودون منه. قوله تعالى: { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً } ذكر الله عز وجل تحريم الصيد على المحرم في ثلاثة مواضع من هذه السورة أحدها في أول السورة وهو قوله: غير محلِّي الصيد وأنتم حرم. والثاني قوله:يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } [المائدة: 95] والثالث: هذه الآية وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً. كل ذلك لتأكيد تحريم قتل الصيد على المحرم واختلف العلماء هل يجوز للمحرم أن يأكل من لحم صيد صاده غيره فذهب قوم إلى أنه لا يحل ذلك بحال يروى ذلك عن ابن عباس وهو قول طاوس وإليه ذهب الثوري واحتجوا على ذلك بما روي عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أبو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلما رأى ما في وجهه من الكراهة قال: إنا لم نرده عليك إلا أنّا حرم.

السابقالتالي
2