الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قوله عز وجل: { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } يعني، فيما أمركم به ونهاكم عنه { واحذروا } أي واحذروا مخالفة الله ومخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمركم به ونهاكم عنه { فإن توليتم } يعني فإن أعرضتم عما أمركم به ونهاكم عنه { فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } وهذا وعيد وتهديد لمن أعرض عن أمر الله ونهيه كأنه قال فاعلموا أنكم بسبب توليكم وإعراضكم قد استحققتم العذاب والسخط. قوله تعالى: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية عن البراء بن عازب قال: " مات ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر، فلما نزل تحريم الخمر قال ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ قال: فنزلت: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية " أخرجه الترمذي. وقال حديث: حسن صحيح. عن ابن عباس قال: " قالوا يا رسول الله صلى الله أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر لما نزل تحريم الخمر فنزلت: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية " أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن. ومعنى الآية { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } أي لا حرج ولا إثم عليهم فيما شربوا من الخمر وأكلوا من مال القمار في وقت الإباحة قبل التحريم قال ابن قتيبة يقال: لم أطعم خبزاً ولا ماء ولا نوماً قال الشاعر:
فإن شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخاً ولا بردا   
النقاخ الماء والبرد النوم { إذا ما اتقوا } يعني إذا ما اتقوا الشرك وقيل اتقوا ما حرم الله عليهم { وآمنوا } يعني بالله ورسوله { وعملوا الصالحات } أي وازدادوا من عمل الصالحات { ثم اتقوا وآمنوا } يعني اتقوا الخمر والميسر بعد التحريم فعلى هذا تكون الأولى إخباراً عن حال من مات وهو يشربها قبل التحريم أنه لا جناح عليه. والثانية: خطاب لمن بقي بعد التحريم أمروا باتقائها والإيمان بتحريمها { ثم اتقوا } يعني ما حرم عليهم في المستقبل { وأحسنوا } يعني العمل. وقيل: المراد بالاتقاء الأول فعل التقوى وبالثاني المداومة عليها وبالثالث اتقاء الظلم مع ضم الإحسان إليه. وقيل: إن المقصود من التكرير التأكيد والمبالغة في الحث على الإيمان والتقوى وضم الإحسان إليهما ثم قال تعالى: { والله يحب المحسنين } يعني أنه تعالى يحب المتقربين إليه بالإيمان والأعمال الصالحة والتقوى والإحسان وهذا ثناء ومدح لهم على الإيمان والتقوى والإحسان لأن هذه المقامات من أشرف الدرجات وأعلاها م عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } إلى آخر الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لي: أنت منهم ومعناه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له إن ابن مسعود منهم يعني من الذين آمنوا وعملوا الصالحات والتقوى والإحسان.

السابقالتالي
2