الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

قوله تعالى: { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قال ابن عباس: " لما نزلت يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم - قالوا يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها كانوا قد حلفوا على ما اتفقوا عليه فأنزل الله عز وجل هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " وقد تقدم تفسير اللغو في الأيمان في سورة البقرة وقوله تعالى: { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } يعني ولكن يؤاخذكم بما تعمدتم وقصدتم به اليمين ومنه قول الفرزدق:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم   
وفي الآية حذف تقديره ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم فحذفه لأنه معلوم عند السامعين { فكفارته } يعني فكفارة إيمانكم التي عقدتموها إذا حنثتم { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم } يعني من أقصد ذلك لأن من الناس من يسرف في إطعام أهله ومنهم من يقتر عليهم فأمر الله بالعدل في أداء الكفارة. وقيل: أراد بالأوسط في القيمة فلا يكون غالباً من أعلى الموجود ولا خسيس الثمن من أردأ الموجود بل الوسط في القيمة وقيل أراد بالأوسط الأفضل قال ابن عباس: كل شيء في كتاب الله أوسط فهو أفضل فعلى هذا يكون المعنى من خير ما تطعمون أهليكم وأفضله { أو كسوتم } هو معطوف على محل أوسط أي كما تطعمون المساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم فكذلك فاكسوهم من أوسط الكسوة { أو تحرير رقبة } يعني عتق رقبة والمراد جملة الشخص. فصل في حكم الآية وفيه مسائل المسألة الأولى: في بيان الكفارة وهي أربعة أنواع: النوع الأول: من الكفارة الإطعام فيجب إطعام عشرة مساكين واختلفوا في قدر ما يطعم لكل مسكين فذهب قوم إلى أنه يطعم لكل مسكين مد من الطعام بمد النبي صلى الله عليه وسلم وهو رطل وثلث بالبغدادي من غالب قوت البلد وكذلك سائر الكفارات وهذا قول ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وبه قال سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار وعطاء والحسن وإليه ذهب مالك والشافعي ويروى عن عمر وعلي وعائشة أنه يطعم لكل مسكين مدان من بر وهو نصف صاع وبه قال أهل العراق. وقال أبو حنيفة: إن أطعم من الحنطة فنصف صاع وإن أطعم من غيرها فصاع وهو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير ومجاهد. وقال أحمد بن حنبل: يطعم لكل مسكين مد من البر أو نصف صاع من غيرها مثل التمر والشعير: ومن شرط الإطعام تمليك الطعام للمساكين فلو عشاهم وغداهم لم يجزه وقال أبو حنيفة: يجزيه ذلك ولا يجوز إخراج القيمة في الكفارة كالدراهم والدنانير: وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك ولا إخراج الدقيق والخبز في الكفارة بل يجب إخراج الحب، وجوَّزه أبو حنيفة ولا يجوز صرف الكل إلى مسكين واحد في عشرة أيام.

السابقالتالي
2 3