الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي خافوا الله بترك المنهيات { وابتغوا إليه الوسيلة } يعني واطلبوا إليه القرب بطاعته والعمل بما يرضي وإنما قلنا ذلك، لأن مجامع التكاليف محصورة في نوعين لا ثالث لهما. أحد النوعين: ترك المنهيات وإليه الإشارة بقوله: اتقوا الله. والثاني: التقرب إلى الله تعالى بالطاعت وإليه الإشارة بقوله: وابتغوا إليه الوسيلة والوسيلة فعلية من وسل إليه إذا تقرب ومنه قول الشاعر:
إن الرجال لهم إليك وسيلة   
أي قربة. وقيل: معنى الوسيلة المحبة أي تحببوا إلى الله عز وجل { وجاهدوا في سبيله } أي وجاهدوا العدو في طاعته وابتغاء مرضاته { لعلكم تفلحون } يعني لكي تسعدوا بالخلود في جنته لأن الفلاح اسم جامع للخلاص من كل مكروه والفوز بكل محبوب قوله عز وجل { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم } يعني: أن الكافر لو ملك الدنيا ودنيا أخرى مثلها معها ثم فدى نفسه من العذاب يوم القيامة لم يقبل منه ذلك الفداء { لهم عذاب أليم } المقصود من هذا أن العذاب لازم للكفار وأنه لا سبيل لهم إلا الخلاص منه بوجه من الوجوه ق. عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذاباً لو كانت لك الدنيا كلها أكنت مفتدياً بها فيقول نعم فيقول قد أردت منك أيسر من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي ولا أدخلك النار وأدخلك الجنة فأبيت إلا الشرك " هذا لفظ مسلم. وفي رواية البخاري قال: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدي به فيقول نعم فيقال له لقد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك أن لا تشرك بي { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها } فيه وجهان: أحدهما أنهم يقصدون الخروج من النار ويطلبونه ولكن لا يستطيعون ذلك قيل إذا حملهم لهب النار إلى فوق طلبوا الخروج منها فلا يقدرون عليه. والوجه الثاني: أنهم يتمنون الخروج من النار بقلوبهم { ولهم عذاب مقيم } يعني ولهم عذاب دائم ثابت لا يزول عنهم ولا ينتقل أبداً. قوله عز وجل: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } قال ابن السائب نزلت في طعمة بن أبيرق وقدمنا قصته في سورة النساء وإنما سمي السارق سارق لأنه يأخذ الشيء الذي ليس له أخذه في خفاء ومنه استرق السمع مستخفياً والسارق هنا مرفوع بالابتداء لأنه لم يقصد واحد بعينه إنما هو كقولك من سرق فاقطع يده والمراد باليد المذكورة هنا اليمين.

السابقالتالي
2 3 4