الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله } " نزلت في الحطم واسمه شريح بن هند بن ضبعة البكري أتى المدينة وحده وخلف خيله خارج المدينة ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: " إلا ما، تدعو الناس فقال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فقال حسن إلا أن لي أمراء لا أقطع أمراً دونهم ولعلي أسلم وآتي بهم فخرج من عنده وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: يدخل عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان فلما خرج شريح. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دخل بوجه كافر وخرج بقفا غادر وما الرجل بمسلم، فمرَّ بسرح من سرح المدينة فاستاقه وانطلق به وهو يرتجز ويقول: لقد لفَّها بالليل سواق حطم * ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم * باتوا نياماً وابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم * خدلج الساقين ممسوح القدم فتبعوه فلم يدركوه فلما كان العام القابل، خرج شريح حاجَّاً مع حجاج بكر بن وائل من اليمامة ومعه تجارة عظيمة وقد قلد الهدي، فقال المسلمون: يا رسول الله هذا الحطم قد خرج حاجاً فخلِّ بيننا وبينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد قلد الهدي. فقالوا: يا رسول الله هذا شيء كنا نفعله في الجاهلية فأبى النبي صلى الله عليه وسلم " فأنزل الله: { يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله }. قال ابن عباس: هي المناسك كان المشركون يحجون ويهدون، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فنهاهم الله عن ذلك. وقيل: الشعائر، الهدايا المشعرة وإشعارها أن يطعن في صفحة سنام البعير بحديدة حتى يسيل دمه فيكون ذلك علامة أنها هدي وهو سنة في الأبل والبقر عون الغنم، ويدل عليه ما روي عن عائشة: " فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أشعرها وقلدها ثم بعث بها إلى البيت فما حرم عليه شيء كان له حلالاً " أخرجاه في الصحيحين م. عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهلَّ بالحج " وعند أبي حنيفة لا يجوز إشعار الهدي بل قال يكره ذلك. وقال ابن عباس في معنى الآية: لا تحلوا شعائر الله هي أن تصيد وأنت محرم. وقيل: شعائر الله شرائع الله ومعالم دينه، والمعنى: لا تحلوا شيئاً من فرائضه التي افترض عليكم واجتنبوا نواهيه التي نهى عنها { ولا الشهر الحرام } أي ولا تحلوا الشهر الحرام بالقتال فيه والشهر الحرام: هو الذي كانت العرب تعظمه وتحرم القتال في الجاهلية فيه، فلما جاء الإسلام، لم ينقض هذا الحكم، بل أكده.

السابقالتالي
2 3