الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

قوله عز وجل: { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } قال ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس. وقوله في الرجل الذي لم يفسح له ابن فلانة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من الذاكر فلانة؟ قال ثابت: أنا رسول الله قال انظر في وجوه القوم فنظر فقال ما رأيت يا ثابت؟ قال رأيت أبيض وأحمر وأسود قال فإنك لا تفضلهم إلا بالدين والتقوى فنزلت في ثابت هذه الآية ونزل في الذي لم يفسح لهيا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا } [المجادلة: 11] الآية. وقيل: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً حتى علا على ظهر الكعبة وأذن فقال عتاب بن أسيد الحمد لله الذي قبض أبي ولم ير هذا اليوم وقال الحارث بن هشام أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذناً وقال سهيل بن عمرو إن يكره الله شيئاً يغيره. وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبره رب السماء فنزل جبريل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالوا وسألهم عما قالوا فأقروا فأنزل الله هذه الآية وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والإزراء بالفقراء فقال { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } يعني آدم وحواء. والمعنى: إنكم متساوون في النسب فلا تفاخر لبعض على بعض لكونكم أبناء رجل واحد وامرأة واحدة. وقيل: يحتمل أن يكون المعنى إنا خلقنا كل واحد منكم أيها الموجودون من أب وأم فإن كل واحد منكم خلق كما خلق الآخر سواء فلا وجه للتفاخر والتفاضل في النسب { وجعلناكم شعوباً } جمع شعب بفتح الشين وهي رؤوس القبائل مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج سموا شعوباً لتشعب القبائل منهم وقيل لتجمعهم { وقبائل } جمع قبيلة وهي دون الشعوب كبكر من ربيعة وتميم من مضر ودون القبائل العمائر واحدتها عمارة بفتح العين وهم كشيبان من بكر ودارم من تميم ودون العمائر البطون واحدتها بطن وهم كبني غالب ولؤي من قريش ودون البطون الأفخاذ واحدتها فخذ وهم كبني هاشم وبني أمية من لؤي ودون الأفخاذ الفصائل واحدتها فصيلة بالصاد المهملة كبني العباس من بني هاشم ثم بعد ذلك العشائر واحدتها عشيرة وليس بعد العشيرة شيء يوصف. وقيل: الشعوب للعجم، والقبائل: للعرب، والأسباط: من بني إسرائيل. وقيل: الشعوب الذين لا ينسبون إلى أحد بل ينسبون إلى المدائن والقرى والقبائل الذين ينتسبون إلى آبائهم. { لتعارفوا } أي ليعرف بعضكم بعضاً في قرب النسب وبعده لا للتفاخر بالأنساب ثم بين الخصلة التي بها يفضل الإنسان على غيره ويكتسب بها الشرف عند الله تعالى فقال: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } قيل: أكرم الكرم التقوى، وألأم اللؤم الفجور.

السابقالتالي
2