الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }

قوله عز وجل: { وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن } الآية. ذكر القصة في ذلك قال المفسرون: لما مات أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في حياته يحوطه وينصره ويمنعه ممن يؤذيه، فلما مات وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحشة من قومه، فخرج إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصرة له والمنعة من قومه فروى محمد بن إسحاق عن زيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال: لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف، وهم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة: عبد ياليل، ومسعود، وحبيب بنو عمير. وعندهم امرأة من قريش من بني جمح، فجلس إليهم، فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاء له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه فقال له أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك. وقال الآخر: ما وجد الله أحداً يرسله غيرك وقال الثالث: لا أكلمك كلمة أبداً لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام وإن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا علي وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه فيزيد ذلك في تجرئهم عليه فلم يفعلوا وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم فجعلوا يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع إليه الناس وألجؤوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة وهما فيه، فرجع عنه سفهاء ثقيف ومن كان تبعه منهم، فعمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء ثقيف وقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المرأة التي من بني جمح فقال لها: ماذا لقينا من أحمائك؟ فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، فأنت رؤوف وأنت أرحم الراحمين، وأنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك " فلما رأى ابنا ربيعة ما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس فقالا له: خذ قطفاً من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل وقل له يأكل منه.

السابقالتالي
2 3 4