الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

{ أولئك الذين حق عليهم القول } أعلم الله أن هؤلاء قد حقت عليهم كلمة العذاب وعبد الرحمن مؤمن من أفاضل المؤمنين فلا يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب أي وجب عليهم العذاب { في أمم } أي مع أمم { قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ولكل درجات مما عملوا } قال ابن عباس: يريد من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممن تخلف عنه ولو ساعة وقيل لكل واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين والبار والعاق درجات يعني منازل ومراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم فيجازيهم عليها قيل درجات الجنة تذهب إلى علو ودرجات النار تذهب إلى أسفل { وليوفيهم أعمالهم } يعني جزاء أعمالهم { وهم لا يظلمون } قوله عز وجل: { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } يعني يجاء بهم فيكشف لهم عنها ويقال لهم { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } يعني أن كل ما قدر لكم من الطيبات واللذات فقد أفنيتموه في الدنيا وتمتعتم به فلم يبق لكم بعد استيفاء حظكم منها شيء { فاليوم تجزون عذاب الهون } أي الذي فيه ذل وخزي { بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون } علق هذا العذاب بأمرين، أحدهما: الاستكبار وهو الترفع، ويحتمل أن يكون عن الإيمان، والثاني: الفسق وهو المعاصي، والأول من عمل القلوب، والثاني من عمل الجوارح. فصل لما وبخ الله تعالى الكافرين بالتمتع بالطيبات، آثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتناب اللذات في الدنيا رجاء ثواب الآخرة ق " عن عمر بن الخطاب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير قد أثر في جنبه، فقلت: أستأنس يا رسول الله. قال: نعم فجلست، فرفعت رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر إلا أهبة ثلاثة، فقلت: ادع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم ولا يعبدون الله فاستوى جالساً ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت استغفر لي يا رسول الله " ق. " عن عائشة قالت: ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم " ق " عنها قالت: كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه ناراً إنما هو الأسودان التمر والماء إلا أن نؤتى باللحيم " وفي رواية أخرى قالت: " إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. قال عروة: قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا " عن ابن عباس قال:

السابقالتالي
2