الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } * { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

قوله تعالى: { وقال الذين كفروا } يعني من اليهود { للذين آمنوا لو كان خيراً } يعني دين محمد صلى الله عليه وسلم { ما سبقونا إليه } يعنون عبد الله بن سلام وأصحابه، وقيل نزلت في مشركي مكة قالوا لو كان ما يدعونا إليه محمد خيراً ما سبقنا إليه فلان وقيل الذين كفروا أسد وغطفان قالوا للذين آمنوا يعني جهينة ومزينة لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم قال الله تعالى { وإذ لم يهتدوا به } يعني بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان { فسيقولون هذا إفك قديم } يعني كذب متقدم { ومن قبله } يعني من قبل القرآن { كتاب موسى } يعني التوراة { إماماً } يعني جعلناه إماماً يقتدى به { ورحمة } يعني من الله لمن آمن به { وهذا كتاب } يعني القرآن { مصدق } يعني للكتب التي قبله { لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا } يعني مشركي مكة { وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون } تقدم تفسيره. قوله عز وجل: { ووصينا الإنسان بوالديه حسناً } أي يوصل إليهما إحساناً وهو ضد الإساءة { حملته أمه كرهاً } يعني حين أثقلت وثقل عليها الولد { ووضعته كرهاً } يريد شدة الطلق { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } يعني ومدة حمله إلى أن ينفصل من الرضاع وهو الفطام ثلاثون شهراً. فأقل مدة الحمل ستة أشهر وأكثر مدة الرضاع أربعة وعشرون شهراً. قال ابن عباس: إذا حملت المرأة تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهراً وإذا حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهراً { حتى إذا بلغ أشده } أي نهاية قوته وغاية شبابه واستوائه وهو ما بين ثمان عشرة سنة إلى أربعين سنة وهو قوله تعالى: { وبلغ أربعين سنة } قيل: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص وقد تقدمت القصة. وقيل إنها على العموم والأصح أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وذلك أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة في تجارة إلى الشام فنزلوا منزلاً فيه سدرة فقعد النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين فقال له الراهب من الرجل الذي في ظل السدرة فقال هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال الراهب: هذا والله نبي وما استظل تحتها بعد عيسى أحد إلا هذا وهو نبي آخر الزمان، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فكان لا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ولا حضر، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة أكرمه الله تعالى بنبوته واختصه برسالته فآمن به أبو بكر وصدقه وهو ابن ثمان وثلاثين سنة فلما بلغ أربعين سنة دعا ربه عز وجل: { قال رب أوزعني } أي ألهمني { أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي } أي بالإيمان والهداية.

السابقالتالي
2