الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } * { فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ وبدا لهم } أي في الآخرة { سيئات ما عملوا } أي في الدنيا والمعنى بدا لهم جزاء سيئاتهم { وحاق بهم } أي نزل بهم { ما كانوا به يستهزئون وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا } أي تركتم الإيمان والعمل للقاء هذا اليوم { ومأواكم النار وما لكم من ناصرين } أي ما لكم من مانعين يمنعونكم من العذاب { ذلكم } أي هذا الجزاء { بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا } يعني حين قلتم لا بعث ولا حساب { فاليوم لا يخرجون منها } أي من النار { ولا هم يستعتبون } أي لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى طاعة الله والإيمان به لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذر ولا توبة { فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين } معناه فاحمدوا الله الذي هو ربكم ورب كل شيء من السموات والأرض والعالمين فإن مثل الربوبية والعامة توجب الحمد والثناء على كل حال { وله الكبرياء } أي وكبروه فإن له الكبرياء والعظمة { في السموات والأرض } وحق لمثله أن يكبر ويعظم { وهو العزيز الحكيم } م عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العز إزاره والكبرياء رداؤه " قال الله تعالى: " فمن ينازعني عذبته " لفظ مسلم وأخرجه البرقاني وأبو مسعود رضي الله عنهما يقول الله عز وجل: " العز إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني شيئاً منهما عذبته " ولأبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قذفته في النار ". شرح غريب ألفاظ الحديث قيل هذا الكلام خرج على ما تعتاده العرب في بديع استعاراتهم وذلك أنهم يكنون عن الصفة اللازمة بالثياب يقولون شعار فلان الزهد ولباسه التقوى فضرب الله عز وجل الإزار والرداء مثلاً له في انفراده سبحانه وتعالى بصفة الكبرياء والعظمة، والمعنى أنهما ليسا كسائر الصفات التي يتصف بها بعض المخلوقين مجازاً كالرحمة والكرم وغيرهما وشبههما بالإزار والرداء لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان ولأنه لا يشاركه في إزاره وردائه أحد فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشاركه فيهما أحد لأنهما من صفاته اللازمة له المختصة به التي لا تليق بغيره والله أعلم.