الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } * { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } * { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } * { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }

{ كذلك } أي أفعل بمن عصاني { وأورثناها قوماً آخرين } يعني بني إسرائيل { فما بكت عليهم السماء والأرض } وذلك أن المؤمن إذا مات تبكي عليه السماء والأرض أربعين صباحاً، وهؤلاء لم يكن يصعد لهم عمل صالح فتبكي السماء على فقده ولا لهم على الأرض عمل صالح فتبكي الأرض عليه. عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما من مؤمن إلا وله بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه " فذلك قوله تعالى: { فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين } " أخرجه الترمذي وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، قيل: بكاء السماء حمرة أطرافها، وقال مجاهد: ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً فقيل: أوتبكي، فقال: وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره فيها دوي كدوي النحل وقيل المراد أهل السماء وأهل الأرض { وما كانوا منظرين } أي لم يمهلوا حين أخذهم العذاب لتوبة ولا لغيرها قوله عز وجل: { ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين } أي من قتل الأبناء واستحياء النساء والتعب في العمل { من فرعون إنه كان عالياً } أي جباراً { من المسرفين ولقد اخترناهم على علم } أي علمه الله تعالى فيهم { على العالمين } أي عالمي زمانهم { وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين } أي نعمة بينة من فلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى والنعم التي أنعمنا بها عليهم وقيل ابتلاؤهم بالرخاء والشدة { إن هؤلاء } يعني مشركي مكة { ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى } أي لا موتة لنا إلا هذه التي نموتها في الدنيا ولا بعث بعدها وهو قوله { وما نحن بمنشرين } أي بمبعوثين بعد موتتنا هذه { فأتوا بآبائنا } أي الذين ماتوا قبل { إن كنتم صادقين } أي إنا نبعث أحياء بعد الموت قيل طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيي لهم قصي بن كلاب ثم خوفهم مثل عذاب الأمم الخالية فقال تعالى: { أهم خير أم قوم تبع } أم ليسوا خيراً من قوم تبع يعني في الشدة والقوة والكثرة قيل هو تبع الحميري وكان من ملوك اليمن سمي تبعاً لكثرة أتباعه وقيل كل واحد من ملوك اليمن يسمى تبعاً لأنه يتبع صاحبه الذي قبله كما يسمى في الإسلام خليفة وكان تبع هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه وهم حمير إلى الإسلام فكذبوه. عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم "

السابقالتالي
2 3