الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً } أي يجمع بينهما فيولد له الذكور والإناث { ويجعل من يشاء عقيماً } أي فلا يولد له ولد، وقيل هذا في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فقوله يهب لمن يشاء إناثاً يعني لوطاً لم يولد له ذكر إنما ولد له ابنتان ويهب لمن يشاء الذكور يعني إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يولد له أنثى { أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ولد له أربع بنين وأربع بنات ويجعل من يشاء عقيماً يعني يحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام لم يولد لهما وهذا على وجه التمثيل وإلا فالآية عامة في جميع الناس { إنه عليم } أي بما يخلق { قدير } أي على ما يريد أن يخلق. قوله تعالى: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } قيل في سبب نزولها: إن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً كما كلمه موسى صلى الله عليه وسلم ونظر إليه فقال لم ينظر موسى إلى الله تعالى فأنزل الله تعالى: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } أي يوحي إليه في المنام أو بالإلهام كما رأى إبراهيم في المنام أن يذبح ولده وهو وحي وكما ألهمت أم موسى أن تقذفه في البحر { أو من وراء حجاب } أي يسمعه كلامه من وراء حجاب ولا يراه كما كلم موسى عليه الصلاة والسلام { أو يرسل رسولاً } يعني من الملائكة إما جبريل أو غيره { فيوحي بإذنه ما يشاء } يعني يوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن الله ما يشاء وهذه الآية محمولة على أنه لا يكلم بشراً إلا من وراء حجاب في الدنيا ويأتي بيان هذه المسألة إن شاء الله تعالى في سورة النجم { إنه على } أي عن صفات المخلوقين { حكيم } أي في جميع أفعاله. قوله عز وجل: { وكذلك } أي وكما أوحينا إلى سائر رسلنا { أوحينا إليك روحاً من أمرنا } قال ابن عباس: نبوة، وقيل: قرآناً لأن به حياة الأرواح، وقيل: رحمة وقيل جبريل { ما كنت تدري } أي قبل الوحي { ما الكتاب } يعني القرآن { ولا الإيمان } اختلف العلماء في هذه الآية مع اتفاقهم على أن الأنبياء قبل النبوة كانوا مؤمنين فقيل معناه ما كنت تدري قبل الوحي شرائع الإيمان ومعالمه. وقال محمد بن إسحاق عن ابن خزيمة الإيمان في هذا الموضع الصلاة دليلهوما كان الله ليضيع إيمانكم } [البقرة: 143] يعني صلاتكم ولم يرد به الإيمان الذي هو الإقرار بالله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة يوحد الله تعالى ويحج ويعتمر ويبغض اللات والعزى ولا يأكل ما ذبح على النصب وكان يتعبد على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولم تتبين له شرائع دينه إلا بعد الوحي إليه { ولكن جعلناه نوراً } قال ابن عباس يعني الإيمان وقيل القرآن لأنه يهتدي به من الضلالة وهو قوله تعالى: { نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي } أي لتدعو { إلى صراط مستقيم } يعني إلى دين الإسلام.