الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } * { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } * { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ }

{ أو يوبقهن } أي يغرقهن ويهلكهن { بما كسبوا } أي بما كسبت ركابها من الذنوب { ويعف عن كثير } أي من ذنوبهم فلا يعاقب عليها { ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص } يعني يعلم الذين يكذبون بالقرآن إذا صاروا إلى الله تعالى ما لهم من مهرب من عذابه { فما أوتيتم من شيء } أي من زينة الدنيا { فمتاع الحياة الدنيا } أي ليس هو من زاد المعاد { وما عند الله } أي من الثواب { خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } والمعنى أن المؤمن والكافر يستويان في متاع الحياة الدنيا فإذا صارا إلى الله تعالى كان ما عند الله من الثواب خيراً وأبقى للمؤمن { والذين يجتنبون كبائر الإثم } يعني كل ذنب تعظم عقوبته كالقتل والزنا والسرقة وشبه ذلك { والفواحش } يعني ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } يعني يكظمون الغيظ ويجهلون { والذين استجابوا لربهم } يعني أجابوا إلى ما دعاهم إليه من طاعته { وأقاموا الصلاة } يعني المفروضة { وأمرهم شورى بينهم } يعني يتشاورون فيما يبدو لهم ولا يعجلون ولا ينفردون برأي ما لم يجتمعوا عليه قيل. ما تشاور قوم إلا هدوا إلى أرشد أمرهم { ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي } يعني الظلم والعدوان { هم ينتصرون } يعني ينتقمون من ظالمهم من غير تعد قال ابن زيد جعل الله تعالى المؤمنين صنفين صنف يعفون عمن ظلمهم فبدأ بذكرهم وهو قوله تعالى: { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } وصنف ينتصرون من ظالمهم وهم الذين ذكروا في هذه الآية، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فإذا قدروا عفوا. وقيل: إن العفو إغراء للسفيه وقال عطاء: هم المؤمنون الذين أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ثم مكنهم الله عز وجل في الأرض حتى انتصروا ممن ظلمهم ثم بين الله تعالى أن شرعة الانتصار مشروطة برعاية المماثلة