الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } * { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }

قوله عز وجل: { الله لطيف بعباده } أي كثير الإحسان إليهم، قال ابن عباس: حفي بهم وقيل رفيق وقيل لطيف بالبر والفاجر حيث لم يهلكهم جوعاً بمعاصيهم يدل عليه قوله تعالى: { يرزق من يشاء } يعني أن الإحسان والبر إنعام في حق كل العباد وهو إعطاء ما لا بد منه فكل من رزقه الله تعالى من مؤمن وكافر وذي روح فهو ممن يشاء الله أن يزرقه، وقيل لطفه في الرزق من وجهين أحدهما أنه جعل رزقكم من الطيبات والثاني أنه لم يدفعه إليكم مرة واحدة { وهو القوي } أي القادر على كل ما يشاء { العزيز } أي الذي لا يغالب ولا يدافع { من كان يريد حرث الآخرة } أي كسب الآخرة والمعنى من كان يريد بعمله الآخرة { نزد له في حرثه } أي بالتضعيف الواحدة إلى عشرة إلى ما يشاء الله تعالى من الزيادة، وقيل إنا نزيد في توفيقه وإعانته وتسهيل سبيل الخيرات والطاعة إليه { ومن كان يريد حرث الدنيا } يعني يريد بعمله الدنيا مؤثراً لها على الآخرة { نؤته منها } أي ما قدر وقسم له منها { وما له في الآخرة من نصيب } يعني لأنه لم يعمل لها، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب " ذكره في جامع الأصول ولم يعزه إلى أحد من الكتب الستة وأخرجه البغوي بإسناده. قوله تعالى: { أم لهم } يعني كفار مكة { شركاء } يعني الأصنام وقيل الشياطين { شرعوا لهم من الدين } قال ابن عباس شرعوا لهم غير دين الإسلام { ما لم يأذن به الله } يعني أن تلك الشرائع بأسرها على خلاف دين الله تعالى الذي أمر به وذلك أنهم زينوا لهم الشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا لأنهم لا يعلمون غيرها { ولولا كلمة الفصل } يعني أن الله حكم بين الخلق بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة { لقضي بينهم } أي لفرغ من عذاب الذين يكذبونك في الدنيا { وإن الظالمين } يعني المشركين { لهم عذاب أليم } أي في الآخرة { ترى الظالمين } يعني يوم القيامة { مشفقين } أي وجلين خائفين { مما كسبوا } أي من الشرك والأعمال الخبيثة { وهو واقع بهم } أي جزاء كسبهم واقع بهم { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات } لأن هذه الروضات أطيب بقاع الجنة فلذلك خص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بها وفيه تنبيه على أن الجنة منازل غير الروضات هي لمن هو دون الذين عملوا الصالحات من أهل القبلة { لهم ما يشاؤون عند ربهم } أي من الكرامة { ذلك هو الفضل الكبير ذلك } أي الذي ذكر من نعيم الجنة الذي يبشر الله به عباده { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قوله عز وجل: { قل لا أسألكم عليه } أي على تبليغ الرسالة { أجراً } أي جزاء { إلا المودة في القربى } خ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله { إلا المودة في القربى } فقال سعيد بن جبير قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس: عجبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن بطن من قريش إلا وله فيهم قرابة فقال ألا تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة، وعن ابن عباس أيضاً في قوله { إلا المودة في القربى }: يعني أن تحفظوا قرابتي وتودوني وتصلوا رحمي، وإليه ذهب مجاهد وقتادة وعكرمة ومقاتل والسدي والضحاك خ عن ابن عمر أن أبا بكر قال: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته واختلفوا في قرابته، فقيل علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم وقيل أهل بيته من تحرم عليه الصدقة من أقاربه وهم بنو هاشم وبنو المطلب الذين لم يفترقوا في جاهلية ولا في إسلام م.

السابقالتالي
2 3